Explore
Also Available in:

قضيّة غاليليو: تاريخ أم سيرة بطولية؟

بقلم: Thomas Schirrmacher
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

ملخَّص

فحص للجدل العائد إلى القرن السابع عشر بين غاليليو والفاتيكان. وقد تم تقديم خمسة عشر أطروحة، مزوّدة بالشواهد التي تدعمها، وذلك بهدف إظهار أن قضيّة غاليليو لا يمكن أن تكون حجة لأي موقف يتعلّق بالعلاقة بين العلم والدين. خلافاً للأسطورة، فإن كل من غاليليو والنظام الكوبرنيكي قد حظيا بتقدير جيّد من قبل مسؤولي الكنيسة. وقع غاليليو ضحيّةً لغطرسته الشخصية، وحسد زملائه بالإضافة إلى سياسات البابا أوربان الثامن! ولم يكن متهماً بانتقاد الكتاب المُقدَّس، إنما بعصيان مرسوم بابوي.


مقدّمة

غالباً ما يتم استخدام الإجراء المتَّبع ضد غاليليو غاليلي (١٥٦٤-١٦٤٢) في القرن السابع عشر كحجّة ضد العماء الخلقيّين واللاهوتيّين، الذين يتخذون من وفائهم المطلق للكتاب المقدس كنقطة انطلاق لأبحاثهم العلمية. يقول المنتقدون بأن الإيمان المطلق بالكتاب المقدس، يتسبب بالعمى للخلقيّين [ويمنعهم] من التقدُّم العلمي ويعيق العلم. وهكذا، كتب هاتيسجورغ و ولفغانغر هيمينغرز في كتابهما ضدَّ الخلق:

” إن الحركة الخلقيّة اليوم … تنقلب ضد أعظم العلماء الطبيعيّين المسيحين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ضدّ كل من كوبرنيكوس، غاليليو، كبلر، ونيوتن. وهي تكرر الإجراء الذي اتُّبِعَ ضد غاليليو وتُجادل من حيث المبدأ مع محاكم التفتيش، اذ أن القضية أثناء المرافعات كانت – من بين أشياء أُخرى – تتعلق بما إذا كان بإمكان العالم الطبيعي أن يمتلك الحرية في اعتبار [تحديد] التجارب والرصد على أنها أسمى من الكتاب المقدس… إن الخلقيّين المعاصرين يتمتعون من حيث المبدأ، بنفس وجهة النظر التي تمتع بها المحقّقين، نظراً لأنهم يتبعون أسلوب التفسير التطبيقي الحرفيّ للكتاب المقدس.“1

إن هذا مجرّد هراء بطبيعة الحال. إذ أن غاليليو كان عالماً مؤمناً بمصداقية الكتاب المقدس ويسعى لإظهار أن نظام كوبرنيكوس (مركزية الشمس) يتوافق مع [النصوص المقدَّسة]. وكان يحارب المبادئ المعاصرة له في تفسير الكتاب المقدس – التي أعميَت بتأثير فلسفة أرسطو – التي لم تُنصف النص التوراتي [الكتاب المقدس]. لم يتم لوم غاليليو بسبب انتقاد الكتاب المقدس إنما بعصيان أوامر بابوية. اليوم، يقرأ معظم العلماء الخلقيّين الكتاب المقدس بشكل مختلف عن المدرسة المعاصرة لتفسير النصّ الكتابي، أي باستخدام النقد العالي، وبالتالي فإنهم يتعرضون للانتقاد من قِبَل المؤسسة اللاهوتية الليبرالية ومن علماء الطبيعة.

إن الصورة المقدمة للإجراءات التي اتبعتها الفاتيكان ضد غاليليو غاليلي، والتي استخدمها هيمينغرز وغيرهم، ليست صورة مستوحاة من بحث تاريخي، إنما من سيرة مشابهة للسير البطولية. إن الصورة التي تحاكي معركة الحياة والموت بين كنيسة مسيحيّة ضيّقة الأفق بشكل مطلق وبين مبتكر وعالم طبيعي مبدع وموضوعي بشكل دائم، كالتي استخدمت في قضية غاليليو تعتمد على الكثير من الأساطير.

من الأمثلة على السير البطولية المليئة بالأساطير التي كُتِبَت عن غاليليو نجد: السيرة الذاتية التي قدّمها الكاتب في العلوم الإنسانية يوهانسن هيمليبن،2 و سيرة غاليليو الرسمية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة (ألمانيا الشرقية) من قِبَل إرنست شموتزر وويلهيلم شولتز،3 والفصل الخاص بغاليليو في كتاب فيشر-فابيان ”قوّة الضمير“.4

يوجد العديد من الأمثلة التي تُظهِر ”الوقار الديني“ [أوالاحترام للتقاليد الدينية] العملي الذي كان يمتلكه غاليليو في5 مرحلة الشباب6 كما في الكتابات الأكاديمية.7

ليس لدي علم بوجود أكثر من ردّ واحد مطبوع من قبل الخلقيّين (بالمفهوم الواسع) والذي يتناول إساءة استخدام محاكمة غاليليو من قبل أنصار نظرية التطور. وهو يظهر في ”أوراق المدخل“ من قبل الكاتب المؤيد لنظرية الحُقَبْ طويلة الأمد [بين أيام الخلق] سي. كوستانس.8 إنه من الضروري تقديم تعليق مطوّل من قبل الخلقيّين فيما يتعلّق بقضية غاليليو. وهذه المقالة ستقدّم تقييماً أوليّاً ومادّة أدبية مهمة، لكنها قادرة فقط على بدء البحث. إن كويستلر محقّ حين يقول: ”يوجد عدد قليل من الأحداث التاريخية التي أدَّت إلى ظهور هذا العدد الضخم من الكتابات الأدبية كما فعلت محاكمة غاليليو“.9

galileo
غاليليو غاليلي (١٥٦٤-١٦٤٢)

في ضوء ما يزيد عن ٨٠٠٠ عنوان يتعلق بقضيّة غاليليو و٢٠ مجلداً من الأعمال الكاملة لغاليليو نفسه، لا يمكن لمقال واحد أن يناقش القضية من جميع جوانبها.

إن الأطروحات آلـ ١٥ التالية ستقوم بتوضيح أن قضيّة غاليليو لا يمكن أن تكون حجة لأي موقف يتعلّق بالعلاقة بين العلم والدين. سأتابع وبشكل أساسي كتابات غاليليو الشخصية،10 والسيرة الذاتية التي قدّمها ك. فيشر،11 والبحث الذي قام به أ. كويستلر حول الوثائق الأصلية لمحاكمة غاليليو.12 والمقال الذي قدّمه أ.سي. كوستانس8 والبحث العلمي للمؤلف التشيكي زيدينكو سول.13

يمكن تلخيص الهدف من هذه الأطروحات من خلال اجتهاد كويستلرالقائل: ” أعتقد أن فكرة استخدام محاكمة غاليليو على أنها نوع من أنواع المأساة اليونانية، وأنها مواجهة بين ’الإيمان الأعمى‘ و ’العقل المستنير‘، هي فكرة خاطئة وساذجة.“14

وليس من حاجة للقول بأن هذه الأطروحات لا تهدف للدفاع عن محاكم التفتيش أو انكار أي قيمة علميّة للبحوث أو الأفكار التي قدَّمها غاليليو. لكن يمكن القول بأن سوللي كان على حقّ حين قال: ”ان الصورة مليئة بالتناقض، والتي تُظهِر عالماً بموقفٍ بطولي في مواجهة محققي محاكم التفتيش القادمين من خلفية مظلمة ستقدم العديد من الفروق والخلافات الدقيقة.“15

الطرح الأول. ان النظام الكوبرنيكي كان يحظى باحترام كبير من قبل مسؤولي الكنيسة

من حيث المبدأ، كان الدفاع الصريح عن نظام كوبرنيكوس بلا أخطار. فقد رفض العديد من كبار المسؤولين والفلكيّين اليسوعيّين النظام البطلميّ حتى قبل ولادة غاليليو. فنجد مثالاً، يوهانس كيبلر (١٥٧١-١٦٣٩) فلكيّ البلاط الإمبراطوري،16 يثبت أن العديد من هؤلاء قد اتبعوا نظام كوبرنيكوس.

”ان اليسوعيّين أنفسهم كانوا مؤيدين لنظام كوبرنيكوس أكثر مما كان غاليليو نفسه. ومن المعروف حالياً أن السبب وراء تقدّم علم الفلك الصينيّ بشكل أسرع من علم الفلك الأوروبي هو ببساطة أن المبشرين اليسوعيّين كانوا قد نقلوا لهم وجهة نظر كوبرنيكوس [عن الفلك].“17

في الوقت الذي كان مارتن لوثر يدعو مؤلّف كتاب (De revolutionibus orbium coelestium) [أي نيكولاس كوبرنيكوس (١٤٧٣-١٥٤٣)] ”أحمق“. وهو الذي سيقلب ”كامل فنون علم الفلك رأساً على عقب“، لم يتم محاربة الكتاب في الفاتيكان. إنما كان ينظر إليه على أنَّه ”فرضية رياضيّة“، بل وتمَّ استخدامه بالفعل بصفته وسيلة مساعدة في الحسابات الفلكية لفترة طويلة. فقط وبعد مرور فترة من الوقت على قبول العلماء اليسوعيون البارزون مثل باتر كالڤيوس بموثوقيّة ملاحظات غاليليو، تحوّل كوبرنيكوس ومؤيّديه إلى ”مشبوهين“.18

إن الكتاب الذي ألفه كوبرنيكوس لم يصل إلى فهرس الفاتيكان19 حتى الفترة الممتدة بين ١٦١٦ إلى ١٦٢٠ وأقر من جديد بعد ادخال بعض التغييرات الطفيفة عليه.20 وحده حوار غاليليو بقي في الفهرس من ١٦٣٣ إلى ١٨٣٧. 21

الطرح الثاني. حظي غاليليو باحترام كبير من قِبَل الكنيسة

حتى تاريخ المحاكمة ضدّه، كان غاليليو قد حظي بتقدير كبير من قبل الكرسي الرسولي، من اليسوعيّين وخصوصاً من الباباوات الذين عاصروه. وقد تم الاحتفال بتعاليمه. وقد كانت زيارة غاليليو إلى روما، بعد أن نشر كتابه رسول من النجوم، ”بمثابة انتصار“22 ”وقد رحَّب به البابا بولس الخامس بمقابلة ودّية، وحصل على تكريم من الكلية اليسوعية الرومانية بمراسم مختلفة استمرّت ليوم كامل.“23 ويكتب جان بول موري عن هذه الرسالة التالي:

”الآن، لقد تم الاعتراف باكتشافات غاليليو من قبل أكبر السطات الفلكية والدينية المعاصرة له. لقد استقبله البابا بولس الخامس مع جمهور من الخاصّة وأظهر له الكثير من الاحترام، لدرجة أنه لم يسمح له بالركوع أمامه، كما كانت العادة السائدة. بعد عدة أسابيع اجتمعت كل الكلّية الرومانية [Collegio Romano] بشكل رسمي وبحضور غاليليو شخصياً للاحتفال باكتشافاته. وفي الوقت عينه، التقى غاليليو بجميع المثقّفين الرومان، وطلب منه أشهرهم وهو الأمير فريدريكو دي سيزي، أن يصبح العضو السادس في أكاديمية الوَشَقْ (Accademia des Lincei)، التي كان قد أسسها.“24

وقد تمت مقابلة البيان الأول الذي كتبه غاليليو تأييداً للنظام الكوبرنيكي، وهو رسائله عن البقع الشمسية، بموافقة كبيرة ولم تخرج أصوات مُعارِضة. من بين الكرادلة الذين قاموا بتقديم التهنئة لغاليليو كان الكاردينال باربيريني، الذي أصبح فيما بعد البابا أوربان الثامن الذي حكم عليه في عام 25.١٦٣٣ في عام ١٦١٥، رُفِعَت التُّهمة ضد غاليليو ولكنها قوبلت بالرفض من قبل محكمة التفتيش. ومن عام ١٦١٥ حتى عام ١٦٣٢، حظي غاليليو بصداقة العديد من الكرادلة والباباوات المختلفين.26

الطرح الثالث. كان الحسد هو الدّافع، وليس الدين

لم يبدأ الهجوم على غاليليو من قِبَل مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية، إنما بدأ من زملاء غاليليو والعلماء الذين كانوا خائفين من فقدان مناصبهم ونفوذهم. كان ممثلي الكنيسة أكثر انفتاحاً على النظام الكوبرنيكي أكثر مما كان العلماء وزملاء غاليليو. الذي قد تجنّب بل وأخَّر أيضاً الإدلاء باعتراف صريح لصالح النظام الكوبرنيكي وذلك خوفاً من زملائه المباشرين وغيرهم. وليس خوفاً من أي طرف كنسيّ.27

وقد كان هذا صحيحاً بالفعل من كوبرنيكوس نفسه، حيث يلخص جيرهارد براوز الوضع كما يلي:

” ليس خوفاً من أولئك الذين يعلوه شأناً في الكنيسة – كما هو مذكور بشكل خاطئ في كثير من الأحيان – ولكن خوفاً من أن ’يتعرَّض للسخرية ولصرخات الاستهجان [والطرد] من على المنصة‘ – وهو من قام بصياغة هذا التعبير بنفسه – من قبل الأساتذة الجامعيّن، بل ورفض نشر عمله ’ De revolutionibus orbium coelestium ‘ لمدة تزيد عن ٣٨ عاماً. فقط وبعد أن طلب منه عدد من مسؤولي الكنيسة، وخاصّة البابا كليمنس السابع، قرر في نهاية المطاف أن يقوم بنشر عمله.28

عدد قليل فقط من العلماء ممن عاشوا في زمن غاليليو كانوا قد اعترفوا علانيّة بتأييدهم لنظام كوبرنيكوس. والبعض فعل ذلك سرّاً، لكن معظمهم قد رفض نظام كوبرنيكوس.29

”وهكذا، بينما كان الشعراء يحتفلون باكتشافات غاليليو التي تحولت لتصبح حديث العالم، كان العلماء في بلده – مع استثناءات قليلة – عدائيّين أو متشككين. ولفترة من الزمن، كان الصوت الوحيد الذي ارتفع في العلن للدفاع عن غاليليو هو صوت يوهانس كيبلير.“30

بالإضافة إلى هذاـ فإن الكنيسة لم تنوب عن مصالح اللاهوتيّين فقط، بل كانت تمثّل مصالح هؤلاء العلماء الذين كانوا جزءا من رعايا الكنيسة. إن رعية اليسوعيّين، الذين وقفوا وراء المحاكمة التي أقيمت ضد غاليليو، قد شملت العلماء البارزين في تلك الأيام.

إن قضية غاليليو تظهر في مواجهتنا من خلال التغيرات البطيئة والثقيلة والعلمية للعادات الاجتماعية المتبناة من المجتمع العلمي، وهذا ما وصفه توماس كوهن في كتابه الشهير ”هيكلية الثورات العلمية“. في أكثر من مرّة، لم تكن الكنيسة هي من تعوِّق التقدم العلمي إنما المجتمع العلمي!

الطرح الرابع. عبقريّة + غطرسة – تواضع = عداوات قاتلة

كان غاليليو عالماً شديد التعنّت، مفرط الحساسية وعدائيّ، الأمر الذي خلق العديد من العداوات القاتلة كنتيجة للحوارات الفظّة [واللاذعة] التي أجراها حتى مع أولئك الذين تخلّوا عن النظرة البطلميّة للعالم. إن غاليليو كان قد تحصّل خلال أيامه الدراسية على لقب ”المُشاحِن، [أو راعي البقر]“.31 ويقوم كويستلر بإظهار هذا الجانب الشخصي للعديد من المعارك التي خاضها غاليليو، الأمر الذي جعل من المستحيل على العلماء الآخرين أن يعملوا معه.32

”لقد امتلك غاليليو موهبة نادرة في قدرته على اثارة العداوة، لا المودّة وذلك بالتناوب مع الغضب الذي أثاره تيخو، لكن العلاقة الباردة بالإضافة إلى العداء الذين لا يلين بين المُعتَدِلَيِنْ كان قد نتج من العبقرية + الغطرسة – التواضع وبدون الخلفية الشخصيّة [للمشكلة]، فإن الجدال الذي أعقب نشر (the Sidereus Nuncius33) سيبقى غير مفهوم.“34

يضيف كويستلر بشكل عام:

”لقد كان أسلوبه يعتمد على التشهير والسخرية من خصمه – ولقد كان ناجحاً باستعماله، سواء كان ذلك استخداماً سليماً أو سيّئاً… كانت طريقة ممتازة لتحقيق انتصار مؤقَّت، واكتساب عدو مدى الحياة.“35

صرح سوللي بما يشابه ذلك، ”لم يكن غاليليو يخاف [أو يتردد] في استعمال أسلوب الهجوم الشخصي والسخرية من الآخرين، إلا أن هذا هو الأسلوب الأسهل لاكتساب الأعداء.“36

تعليقات كويستلر على أحد الردود التي قدمها غاليليو ضد كتابات مناهضة للنظام البطلمي من قبل الفلكي اليسوعي الرائد في مجاله هوراتشيو غراسي:

”عندما قرأ غاليليو الرسالة تملّكته موجة من الغضب الشديد. حيث أنّه قد غطّى هوامشها بعبارات تعجّب واستهجان مثل: ’قطعة من الهراء‘، ’أخرق‘، ’تهريج‘، ’شيطان جبان‘، و’وغد ناكر للجميل‘. في الحقيقة كان السبب خلف نكران الجميل هذا هو أن البحث لم يذكر اسم غاليليو – الذي كان إسهامه الوحيد في نظرية المذنبات هو مجرّد تأييد عرضيّ لآراء تيخو في رسالة عن البقع الشمسية.“37

تعليقات فيشر على الحادثة عينها:

”من الصعب اختيار أي من الجانبين كان أكثر اثارة للإعجاب في ذلك الجدال: الإجراء المفتوح من اليسوعيين ضد فيزياء أرسطو عن الفضاء، أو ما يشبه الخضوع الكلي لهوراتشيو غراسّي لسلطان غاليليو، أو عدائية غاليليو غير المُبَرَّرة، والتي دمَّرت كل ما قاله غراسي، أو لغة غاليليو الخطابيةـ التي استخدمها بمهارة كبيرة ضد غراسي وبراهي، بحيث ظَهر غراسي على وجه الخصوص بصورة هزيلة، لا يعرف مالذي يتحدَّث عنه… “38

يكتب كويستلر عما يختص بالكتابة الدنيئة السوقية التي أنشأها غاليليو ضد ب.كابرا:

”في كتاباته النقدية في وقت لاحق، تقدَّم أسلوب أرسطو من الذمّ الفظّ إلى التهكّم [والهجاء]، والذي كان في بعض الأحيان مبتذلاً، وبالغالب كان ماكراً، وبجميع الأحوال كان ذا فعالية. انتقل [في اسلوبه] مما [يشبه] الضرب بالعصي إلى استعمال السيف الحاد، وقد كان ماهراً في ذلك…“39

وكمثال على حساسية غاليليو المُفرطة، أشار كوستنانس إلى ردّة فعله ضد الإشاعة القائلة بأن سبعينيّاً من الدومينيكان قد شكّك في أطروحته في محادثة خاصّة، كتب غاليليو رسالة لاذعة ودعاه لتعليل كلامه. أجاب الدومينيكانيّ بأنه كان متقدّماً في العمر ولا يمتلك المعرفة الكافية للحكم على رسالة غاليليو، وبأنّه أدلى فقط ببعض الملاحظات الشخصيّة في محادثة خاصّة حتى لا يوسم بالجهل، إلا أن غاليليو شعر بأنّه تعرّض لهجوم ’شخصيّ‘.40

الطرح الخامس. رفض غاليليو مشاركة اكتشافاته

لقد قام غاليليو بتجاهل جميع الباحثين الآخرين، ولم يبلغهم باكتشافاته، معتقداً بأنه الوحيد الذي قام باكتشافات علمية على صلة بها. وكنتيجة لموقفه هذا، فإن بعض التعاليم المُدانة لغاليليو كانت بالفعل غير صالحة، ولاسيّما بسبب التقدم الذي أحرزه كيبلر.

”بالاعتماد على مراسلات غاليليو وسجلاته الأُخرى المتعلقة برأيه عن نفسه، لقد كان أنانياً بشكل خياليّ ومغروراً بشكل لا يصدَّق. وكمثال على ذلك، يوجد حقيقة معروفة الآن وهي أنه رفض أن يشارك مع زملاءه أو معارفه [مثل كيبلر] أي من نتائجه أو آراءه. ولقد ادّعى في الحقيقة بأنه الشخص الوحيد الذي سيقدّم أي اكتشاف جديد! في كتابته إلى أحد معارفه، قام بالتعبير عن نفسه على النحو التالي: ’لا تسطيع أن تغيّر أي شيء، سيد سارسي، بأنه لي وحدي تم إعطاء مواهب اكتشاف كل تلك الظواهر الفضائية ولم يعط شيء لأي شخص آخر. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن أن يغيّرها أيُّ خبثٍ أو حسدْ.‘41

jupiter-family
كوكب المشتري والأقمار التي لاحظها غاليليو: إيو، يوروبا، غانيميد وكاليستو (رسم توضيحي).

تعتبر العلاقة بين غاليليو ويوهانسن كيبلر مثالاً جيداً على هذا إضافةً إلى الحجج الواردة في الطرح الرابع. غاليليو طان يشارك كيبلر في إيمانه بنظام كوبرنيكوس وذلك في وقت مبكرة من علاقتهما، إلا أن كيبلير كان قد أخطأ في قبول كتاب غاليليو (رسول من النجوم) دون أدلّة.42 إلا أن غاليليو كان قد رفض إعطاء كيبلر أحد تلسكوباته، بالرغم من أنه كان قد قدَّمها للعديد من القادة السياسيّين في العالم.43 ولم يتم ذلك حتى قام دوق باڤاريا بإقراض كيبلر أحد تلسكوبات غاليليو ليتمكن من استخدامه.44 وقد كتب غاليليو اكتشافاته إلى كيبلر بطريقة الجناس، بحيث لا يتمكن كيبلر من فهمها، إلا أن غاليليو في وقت لاحق من إثبات أن تلك كانت اكتشافاته.45 وبعد ذلك قام غاليليو بقطع كل اتصال آخر مع كيبلر. ولقد تجاهل بشكل كامل كتاب كيبلر الشهير (Astronomia Nova) الذي طَرَحَ من خلاله المدارات الإهليجيّة [البيضاوية الشكل]، على الرغم من أنه كان مجرد تطوير [إضافة] لكوبرنيكوس واكتشافات غاليليو46 (راجع الطرح العاشر).

”يجب أن يُذكَر أن النظام الذي كان غاليليو يدافع عنه هو نظام كوبرنيكوس الأرثوذكسي، الذي كان قد وضعه الإكليروس بنفسه، قبل قرن من تقديم كيبلر لفكرة الأفلاك الدوّارة الأمر الذي حول البنية الصعبة لورقة العمل إلى نموذج ميكانيكي قابل للتطبيق. لم يستطع غاليليو الاعتراف بأن أي من نظراءه المعاصرين كان له دور في تقدم علم الفلك، إنما بطريقة عمياء ومتهوّرة تجاهل عمل كيبلر حتى النهاية، واستمر في محاولته غير المجدية لإجبار العالم على القبول [بفكرة] عَجَلَة فيرّس [دولاب الهواء] مع ثمانية وأربعين من الأفلاك الدوّارة على أنها ’ظهرت وبشدّة‘ كحقيقة مادّية ملموسة.“47

الطرح السادس. كان غاليليو شاهداً سيئاً في دفاعه عن نفسه

ناقضَ غاليليو نفسه وليس فقط خلال المحاكمة. إنما أيضاً خلال نقاش شفهي حيث أنكر النظام الكوبرنيكي، الذي كان قد سبق ودافع عنه في كتابات سابقة. ويكتب كويستلر عن دفاع غاليليو خلال المحاكمة:

”كان الإدعاء المتهوّر بأن الأدلة المباشرة الموجودة في الصفحات المطبوعة من كتبه، قد صرّحت بعكس ما هو وارد فيها ضرباً من الحماقة الإنتحارية. بالرغم من أنه قد كان لدى غاليليو عدة أشهر كمهلة لتجهيز دفاعه. والتفسير [الوحيد] يمكن أن يوجد في الاحتقار شبه المرضي الذي كان يشعر به غاليليو لمعاصريه. إن التظاهر بأن كتابه ’ديالوغو‘ قد كُتِبَ في دحض كوبرنيكوس هو أمر يفتقر للأمانة بشكل صارخ لدرجة أن قضيّته ستخسر أمام أي محكمة كانت.“48

”لو أن قصد محكمة التفتيش كان أن تُضعف غاليليو، لكانت استغلّت تلك اللحظة المناسبة لتواجهه بشواهد من كتاباته – التي كانت موجودة أمام القاضي في ملفات – ليقتبس منها ما قاله عن أشباه البشر والأقزام والأغبياء الذين كانوا يعارضون نظام كوبرنيكوس، ولتمَّت إدانته بالحنث باليمين. بدلاً من ذلك، مباشرةً وبعد اجابة غاليليو الأخيرة، يقول محضر المحكمة: ’وحيث أنَّه لا يمكن عمل أيّ شيء آخر من أجل تنفيذ الحكم، فقد تم الحصول على توقيعه على أقواله وإعادته.‘ لقد عَلِمَ كلٌّ من القضاة والدفاع أنه كان يكذب، كما أن كلاهما [القاضي وغاليليو] قد عَلِما أن التهديد بالتعذيب (territio verbalis) ليس إلا صيغة طقسية لا يمكن تنفيذها… .“49

يمكن العثور على هذه التناقضات والنفاق خلال حياة غاليليو بأكملها. بدايةً، بين ١٦٠٤/١٦٠٥، عندما بدأ أكثر المستعرات العظمى وضوحاً [سوبّرنوڤا] يضعف، ولم يعد من الممكن رؤية الظاهرة وتقديمها لمدة أطول، شكك غاليليو في بعض الأحيان بالنظام الكوبرنيكي نفسه.50 في عام ١٦١٣، وفي عامه الخمسين، ذكر غاليليو ولأول مرة في كتاباته اقتناعه بصحة الأمر، ولكن في عام ١٥٩٧، كان قد صرَّح بذات الشيء في رسالة خاصّة وجهها إلى كيبلر. لمدة ستة عشر عاماً، لم يدرسّ علم الفلك القديم لبطليموس فحسب، بل نفى نظام كوبرنيكوس صراحةً.51 هذا ما كان عليه الحال بالرغم من أنه لم يوجد أي خطر على الإطلاق في تقديم نظام كوبرنيكوس.52

لقد صرَّح بإيمانه [بصحّة نظام] كوبرنيكوس في المناقشات الخاصّة والرسائل فقط. وقد فسّر العديد من المؤلفين بشكل صحيح هذا الأمر بخوفه من أن يتعرَّض للسخرية من العلماء الآخرين. لكن فقط وبعد أن أصبح غاليليو مشهوراً من خلال اكتشافاته في مجال الميكانيك والديناميك والبصريات، قام بالاعتراف بموقفه من النظام الكوبرنيكي في كتاباته.

يشير فيشر إلى أن غاليليو كان مستعدّاً في بعض الأحيان إلى أن يقوم بكتابة أشياء تتعارض مع رأيه الشخصي،53 فقط بغرض ايذاء الآخرين.

الطرح السابع. الاختبار العلمي ليس ضرورياً

لم يكن غاليليو عالماً تجريبياً جادّاً. يكتب فيشر معلّقاً على كتاب غاليليو ’عن الحركة‘ (De Motu):

”انه من الممكن للمرء أن يشكّ فيما إذا كان غاليليو قد أجرى عدداً من الاختبارات العلمية لإثبات نظرياته. فإن كان الحال كذلك، فمن الصعب أن نفهم لماذا لم يقم بتغيير موقفه أبداً ازاء فطرته بأن الأشياء الخفيفة الوزن تتسارع في بداية السقوط الحرّ بشكل أكبر من تسارع الأشياء الأثقل. وفقاً لمفهوم غاليليو نفسه، ان هذه التجارب لم تكن ضرورية لإثبات نظريته وهي غير كافية أيضاً لدحضها. إن طريقة معالجته للأمور كانت تعتمد على القناعة الذاتية.“54

ويشير كويستلر إلى البروفيسور بورت، الذي افترض بأن أولئك الذين كانوا يشددون على أسلوب الاختبار العلمي [التجريبي] هم من لم يتَّبعوا التعليم الجديد وذلك بسبب افتقاره للأدلّة (راجع الطرح الثامن).

”لو أن التجريبيين المعاصرين عاشوا في القرن السادس عشر، لكانوا أوّل من سخِر من الانهماك في الفلسفة الجديدة للكون.“55

الطرح الثامن. ليس من حاجة لدليل

كان غاليليو يتصرف بطريقة توحي بأنه يمتلك كل الأدلة، ولكنه لم يفعل، ولم يتمكن من تقديمها، فبحسب قوله، لأنه لم يوجد شخص ذكيّ بما فيه الكفاية ليفهمها. وقد كتب كويستلر قائلاً: ”إنّه يستخدم أساليبه المعتادة في دحض أطروحة خصمه دون أن يثبت أطروحته“.56

وحيث أن غاليليو لم يعمل بشكل تجريبي (راجع الطرح السابع)، بل اعتبر أن نظام كوبرنيكوس بديهياً، فإنه لم يشعر بالحاجة إلى تقديم البراهين. وهو لم يواجه الصعوبات إلى أن تم وضعه تحت الضغط حينما قدَّم النظام الكوبرنيكي على أساس أنه مُثبَت.

عندما طلب الكاردينال بيلارمين، المسؤول عن محكمة التفتيش، من غاليليو بطريقة ودّية أن يقدّم الأدلةـ مما يمكنه من قبول نظريته كنظرية مثبتة، [وفي الوقت عينه] طالبه بتقديم النظرية الكوبرنيكية كفرضيّة فقط، أجاب غاليليو برسالة قاسية، بأنه لم يكن راغباً بتقديم أدلّة لعدم وجود من هو قادر على فهمها. ويعلّق كويستلر على هذا:

”كيف بامكانه أن يرفض تقديم أدلّة وفي الوقت عينه يطالب بأن ينظر إلى المسألة على أنها مُثبَتة؟ كان الحل الذي قدَّمه للمعضلة من خلال الإدعاء بامتلاكه للأدلة، ولكن برفض تقديمه لها بحجّة أن خصومه كانوا أغبياء، على أي حال، لفهمها“57

وقد تصرف غاليليو بطريقة مشابهة بعد أن طلب منه البابا بنفسه أن يقدم الدلائل.58

يكتب كويستلر عن رسالة سابقة تعود لعام ١٦١٣، ”لكن غاليليو لم يود أن يتحمّل عبء تقديم الدليل؛ وكما سيتبيّن بالنسبة لجوهر القضية، فهو لم يمتلك أي دليل.“59

يتفق جميع الباحثين تقريباً على أن غاليليو لم يمتلك دليل مادّي على صحّة نظريته.60 كما أن بعض الأجزاء من نظرية غاليليو لم تكن قابلة للإثبات إطلاقاً اذ أنها كانت خاطئة وفاقدة الصلاحية كنتيجة لأبحاث كيبلر (راجع الطرح ١٠، و ٥).

يلخص فيشر كالتالي: ”لم يكن لديه أدلة مُقنِعَة مثل تغيير في الظاهرة أو بندول فوكو [رقّاص فوكو].“61

يحب ألا ينسى المرء أن فرضية كوبرنيكوس نفسها لم تكن مرفوضة من قبل محاكم لتفتيش أبداً، إنما لم يكن من المسموح أن يتم تقديمها على أنها نظرية علمية أو كحقيقة. ”في الحقيقة، لم يكن هنالك أي قضيّة [تتعلق] بإدانة النظام الكوبرنيكي بصفته فرضية للعمل.62 كان نظام كوبرنيكوس مجرّد ”فرضية عمل مسموح بها رسميا، بانتظار أن يتم إثباتها“63

حين وقع غاليليو تحت ضغط أكبر، اخترع في النهاية ”سلاحاً سريّاً“،64 وهو النظرية الخاطئة تماماً بأن المدّ والجزر كانا نتيجة مباشرة لدوران الأرض نفسها. وقد تم تقديم هذه النظرية التي لا يمكن الدفاع عنها، على أساس كونها الدليل المطلق الآمن لإثبات نظام كوبرنيكوس!65

”إن الفكرة بحد ذاتها كانت تُناقض الحقيقة بشكل صارخ، وهي غريبة بوصفها نظرية ميكانيكية – وهذا حقل إنجازات غاليليو الخالدة – لا يمكن تفسيرها إلا من الناحية النفسية.“66

استخدم ويليام أ. والاس المخطوطات التي تم اكتشافها مؤخراً ليبيّن67 بأن غاليليو كان على علم بأن الدليل النهائي لنظام كوبرنيكوس كان مفقوداً وبأن كان يعمل على اخفاء الأمر من خلال بلاغته. وقد قام جان ديتز موس بالبحث في هذا النوع من البلاغة،68 ويحدد بوضوح كيفية إظهار النصوص التي كتبها غاليليو بأنه كان على علم بضرورة أن يقوم بتغطية غياب الدليل من خلال البلاغة.

الطرح التاسع. لم يكن بطليموس قضيّةً حينئذٍ

في عصر غاليليو، لم يكن على العلم أن يختار بين بطلموس وكوبرنيكوس. اذ أن رأي بطليموس القائل بأن جميع الكواكب والشمس تدور حول الأرض، لم يكن خياراً صحيحاً فيما بعد. عوضاً عن ذلك، فإن الخيار كان يقع بين كوبرنيكوس وبراهي،69 حيث أن الجميع كانوا يعتقدون بأن الكواكب الأخرى تدور حول الشمس. كان السؤال، ما إذا كانت الأرض نفسها تتحرك أم لا أو أنها كانت ثابتة في مركز الكون. ”تقريباً، لم يعد أي خبير في علم الفلك مؤمناً بالنظام البطلمي حينئذٍ, اذ أن الصراع كان بين تيخو براهي وكوبرنيكوس.“70

تيخو براهي، سلف كيبلر بصفة فلكيّ البلاط الإمبراطوري الألماني، كان قد احتفظ بموقف مركزية الأرض، في حين أنه قام في الوقت نفسه بدمج وتوحيد الملاحظة والرصد بأن الكواكب الأخرى تتحرك حول الشمس.

”تم الاعتراف بالحجج والملاحظات التي أشار إليها غاليليو، لكنهم نفوا فقط النظام البطلمي، وبنفس الوقت لم يؤيّدوا النظام الكوبرنيكي. كانوا موافقين مع نظام تيخو، الذي كان له ميزة الحفاظ على موقف مركزية الأرض.“71

لم يكن لغاليليو أي موقف البتة في هذا الموضوع ولم يقدّم حججاً ضد تيخو براهي عدا وصفه الجدلي والمشوّه لنظام براهي في عمله ضدّ هوراتشيو غراسي.72

13034-venus-phases
كان غاليليو هو أول من لاحظ الأطوار المختلفة لكوكب الزهرة، وقد قام باستخدام تلك الملاحظات كدليل على أن كوكب الزهرة يدور حول الشمس.

الطرح العاشر. دافع غاليليو عن فرضيات عفا عليها الزمن

إن نضال غاليليو بعنادٍ شديد لم يكن من أجل الدفاع عن نظام كوبرنيكوس فحسب إنما شمل عدّة فرضيات كانت قديمة العهد وقد تم دحضها بالفعل. وقد تم تفصيل هذا الطرح في الطروحات ٥، ٨، و ٩. لقد دافع غاليليو عن نظام ”epicycloids“ [المسار الدائري العُلوِيّ] لكوبرنيكوس، على الرغم من أن كيبلر كان قد قدَّم بالفعل نظريةً أفضل منه بكثير.73

لقد قام باستخدام التفسير الخاطئ الذي سبق ذكره عن المد والجزر كدليل على نظام كوبرنيكوس، على الرغم من عدم احتماليته ومن أن كيبلر كان قد اكتشف أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء المد والجزر هو قوة جاذبية القمر.74

في عام ١٦١٨، قام غاليليو بشرح لبعض المذنبات المرئية من خلال عمل ناري يماثل انعكاسات الضور، بحيث أن أحداً لم يصدّق الفلكي اليسوعي غراسي، الذي كان قد أدرك أن المذنبات إنما هي أجسام محلّقة.75

العديد من الأمثلة الأخرى قد تمت مناقشتها من خلال كويستلر وفيشِر.76

الطرح الحادي عشر. ان غاليليو كان ضحيةً لظرف شخصي

ان هذا الطرح يناقش جانباً شخصياً في حين أن الطرح التالي يناقش جانباً سياسياً، ولن يكون من السهل التفريق بينهما.

urban8
البابا أوربان الثامن، الإسم الأصلي مافيو باربيريني (١٥٦٨-١٦٤٤).

لم تحدث أي محاكمة لغاليليو في عهد سلف البابا أوربان الثامن أو في عهد خليفته (انظر الطرح الثالث، والخامس عشر). ان غاليليو وقع ضحية لسياسات البابا أوربان الثامن، الذي كان يقف في صفه سابقاً. ويجب ألا ننسى أنه في العام ١٦١٥كانت نتيجة المحاكمة الأولى غاليليو أمام محكمة التفتيش لصالحه [أي غاليليو] وذلك بسبب أدلة لخيرة الخبراء الفلكيين اليسوعيّين البارزين.77

إن محاكمة غاليليو قد وقعت نتيجة للوضع السياسي ولتهجمه الشخصي على البابا، وليس لأسباب دينية. حيث أن البابا كان قد بدأ بإعداد محضر المحاكمة في حين أن محكمة التفتيش عملت على تهدئة الوضع ولم تسعى لإثارته.

لقد تم بدء الإجراءات المتعلقة بمحاكمة غاليليو تحت حكم بابا قاسي لا يرحم. ويذكر أحد قواميس البابوات التالي: ”كانت الكنيسة في عهد البابا أوربان مُثقَلة بالمحاباة [والوساطات] وبشكل غير محدود. أوربان الثامن كان شخصية مأساوية على العرش البابوي. وقد كان عهده متخم بالفشل، وقد كان هو مسؤولاً عن ذلك بشكل شخصيّ.“78

يكتب كويستلر في نهاية وصفه للبابا أوربان الثامن، [نقلاً عن] الكاردينال السابق باربيريني، الذي بحسب وصف كويستلر كان ”ساخراً، متكبراً وذا شهوة نحو السلطة العلمانية.“79 لقد

”كان أول بابا يسمح ببناء نُصُبٍ تذكاريٍّ له في حياته. في الحقيقية كان غروره هائلاً وظاهراً حتى في ذلك العصر الذي لم يتميّز بفضيلة الحياء. كان تصريحه الشهير بأنّه: ’عَرَف أكثر من كلّ الكرادلة مجتمعين‘ معادلاً فقط لتصريح غاليليو الذي قال فيه بأنه وحده قد اكتشف كل شيء جديد في السماء. لقد نظر كل منهما إلى نفسه على أنه رجلٌ خارق، وقد بدآ على أساس من التملُّق المتبادل – وهو نوع العلاقة الذي يقود بشكل عامّ إلى نهاية مريرة.“80

شكَّل هذا البابا خطراً على العلم أيضاً. ”البابا قام بشلّ الحياة العلمية في إيطاليا. فانتقل المركز الجديد للأبحاث إلى الدول البروتستانتية في الشمال.“81

وهكذا فإن قضية غاليليو كانت في الأساس مشكلة داخل الكاثوليكية وداخل إيطاليا، ولم تكن معركة ضخمة بين المسيحية بحد ذاتها والعلم بحدّ ذاته. ولم تتهم محاكم التفتيش غاليليو بأنّه يعلِّم ضد الكتاب المقدَّس، إنما بعصيان مرسوم بابويّ.

كان أوربان الثامن ككاردينال يُفَضِّل غاليليو (راجع الطرح ١) وقد كتب له نشيداً. وبعد أن اعتلى الكرسي البابوي ازداد تعلّقه بغاليليو.82

فقط قبل وقت قصير من المحاكمة، تحوّلت صداقة أوربان إلى كراهية. لم يكن هذا بسبب الوضع السياسي فحسب (انظر الطرح ١٢)، إنما بسبب لامبالاة غاليليو، إن لم نقل الإهانات الصادرة عنه. حصل غاليليو على حق طباعة عمله المهم ”ديالوغو“ بشكل مباشر من البابا شخصياً، مع الموافقة على اجراء بعض التصحيحات الطفيفة إن لزم الأمر. وقد تحايل غاليليو بذكاء على الرقابة البابوية، ووضع حجّة أوربان الرئيسية لنظام كوبرنيكوس (!) في فم ”Simplicio“ الأحمق، الذي كان يسأل – في الديالوغو مع ثلاثة علماء – أسئلة سخيفة ويدافع عن وجهة نظر بطليموس للعالم.

”إلا أنه لم يحتج إلى الكثير من الدهاء الذي يتمتع به اليسوعيّين ليتحوَّل التزلّف الخطر من البابا أوربان إلى ثورة غضب ضد حبيبٍ خائنْ. إن غاليليو كان قد تمادى كثيراً، وضد الاتفاق الذي قد عُقد معه الذي ينص على التعامل مع كوبرنيكوس بدقّة على أنَّه نظرية، وليس فقط أنه قد حصل على الأذن بالطباعة من خلال استخدام طرق غير شرعية، بل أنه استعمل الحجة المفضلة لأوربان لم تُذكر إلا في نهاية الكتاب وبشكل موجز. حيث تم وضعها على أساس أنها كلمات من الشخص البسيط الذي قد ثبت كونه على خطأ في كل النقاط الأُخرى. حتى أنَّ أوربان كان قد شكك في كون شخصية ”Simplicio“ البسيط قد صُمِّمَت لتوافق شخصيته.هذا وبالطبع، كان غير صحيح. لكن شكوك أوربان استمرت لفترة طويلةـ حتى وبعد أن هدأ غضبه…“83

حاول ل. باستور، المدافع عن العصمة البابويّة، أن يُظهر أن البابا لم يلعب إلا دوراً ثانوياً في محاكمة غاليليو وأن محاكم التفتيش (مجهولة الهوية) قد حكمت بقسوة أكثر من البابا، لكونها صديق جيّد من أصدقاء غاليليو، كان من المنتظر منها أن تفعل ذلك.84 إن سوللي كان قد قدَّم دليلاً مقنعاً على أن الواقع كان يخالف ذلك بشكلٍ كامل.85 ان البابا قد ابتدأ المحاكمة ولأسباب شخصيّة، في الوقت الذي كان فيه المحقّقون متراخين جداً. إن بعضاً من القضاة العشرة كانوا مهتمين فقط بمواقفهم الخاصّة [أو بتقدّمهم الوظيفي]، في حين تراجع البعض الآخر منهم. في النهاية احتاج القرار النهائي إلى ثلاثة توقيعات، اثنان منهما على الأقل امتنعا احتجاجاً. والكاردينال الوحيد الذي كان متحمساً للاستمرار بالمحاكمة كان هو أخ البابا.

”إنَّ كون هذه المحاكمة بأكملها مشكوك بها، لا يمكن أن يكون مخفياً على المطلعين، فلقد كان هنالك الكثير من المقاومة من قبل كبار المسؤولين في الكنيسة من جانب اليسوعيّين أيضاً.“86

ان كويستلر كان قد توصّل الى استنتاجٍ مفادهُ أن البابا كان قد شَرَعَ في العملية ”وهنالك شكّ بسيط في أن أوربان الثامن من كان خلف القرار باستعجال الإجراءات [القانونية]، والذي شعر بأن غاليليو قد لعب عليه حيلة الثقة.“87

الطرح الثاني عشر. كان غاليليو ضحيةً لظرف سياسيّ

كان غاليليو ضحيةً لسياسات البابا أوربان الثامن، التي كانت ذات أساليب مشوَّشة تماماً خلال حرب الثلاثين عاماً. حيث حاول استحضار المدن الإيطالية تحت سيطرته كما وحارب ضد كل المعارضة من داخل الكنيسة الكاثوليكية. فشلت كل هذه المحاولات على الرغم من أنه كان قد أحرز بعض التقدم في البداية.

كان الوضع في الكرسي الرسولي يعتمد بشكلٍ كُلّي على المعارك السياسية المعاصرة. يكتب سوللي:

”تحوّل مجلس التحقيق [في محاكم التفتيش] إلى انعكاس للمعارك بين الأحزاب المختلفة داخل الكنيسة. لم تكن قضايا علم الفَلَك أو إيمان الكنيسة موضع اهتمام بورجيا أو أوربان، إنما كانت السياسة دائماً.“88

”يجب أن نعود إلى الوضع السياسي السائد في روما، الذي أدَّى إلى تجول عالم فقط لاعلاقة له بالسياسة إلى مجرم.“89

يُقَدِّم فيشر وجهة نظر مماثلة:

”الآن، لم تكن رعاية أرواح الناس هي الدافع الوحيد [الذي يقف] وراء إجراءات الكنيسة. فحرب الثلاثين عاماً كانت قد بدأت في عام ١٦١٨ وانتهت في وقت الجدال اللفظي. فوجدت الكنيسة نفسها في أصعب معركة وجوديّة منذ بدء تاريخها.“90

في بداية الأمر، أيَّد البابا أوربان الثامن الإمبراطور الألماني الكاثوليكي، لكنه انتقل إلى [صفّ] فرنسا الكاثوليكية والسويد البروتستانتية بعد أن أصبحتا حليفتين. واتَّخذَ قدوةً له الفرنسي عديم الرحمة الكاردينال ريتشيليو الذي كان مسؤولاً عن إطالة أمد الحرب.

بين عامي ١٦٢٧- ١٦٣٩، تحمّلت إيطاليا أوزار حرب الخلافة المانتونية الإضافية. وفي الوقت نفسهـ ابتدأت القوتان الكاثوليكيّتان، اسبانيا وفرنسا، اللتان كانتا حليفتان للبابا، في محاربة بعضهما البعض. وكان رئيس المعارضة الإسبانية في الكرسي الرسولي، الكاردينال بورجيا، قد دخل في صراع سياسيّ مع البابا في عام ١٦٣٢، ذلك أنّ معاهدة السلام كانت تلوح في الأفق، في حين أن البابا كان يريد للحرب أن تستمرّ.91 نتج عن ذلك اضطراب وفتنة بين الكاردينالات، ثم ابتدأ بعد ذلك البابا بحملة تطهير سياسيّة كبيرة في الفاتيكان، والتي بشكلٍ مصادف نوعاً ما أطاحت بكل الذين أيَّدوا غاليليو.92 ابتدأ البابا بالعديد من المحاكمات من قِبَل محاكم التفتيش وتحول شيئاً فشيئاً إلى حاكم شديد القسوة.

ربما تكون العلاقات والروابط التالية قد أصبحت مصيرية بالنسبة لغاليليو، نظراً لأنهم قد كانوا معارضين للبابا:

  • العلاقة الوثيقة مع عائلة ميديشي (Medicis) التي انحدر منها الأمير التوسكاني (Tuscan)، الذي حارب بجانب البندقية93 ضد البابا. ولم يتم اعادة الاعتبار [لتلك العائلة] إلا بعد وفاته في عام ١٦٤٤. 94

  • العلاقة مع النمسا95 ومع الإمبراطور رودولف الثاني وذلك من خلال كيبلر، حيث أن البابا حارب مع فرنسا والسويد ضدّ الإمبراطور الألماني الكاثوليكي. وكان أمير توسكانا والإمبراطور الألماني صديقين مقرَّبين.96

لقد أظهر سوللي بالتفصيل كيف أن بداية الحركة الوطنيّة ”المعاصرة“ هي التي وضعت غاليليو بين حبهات متعددة، البابا القوميّ، والمدن الإيطالية، وأطراف حرب الثلاثين عاماً.97

”وهكذا، لم يكن ظلّ الموت وظلام الليل، هو من ضغط على العلم [أي غاليليو]… إنما بداية العصر الحديث.“98

جادل هيمليبن، الذي كان من مؤيّدي غاليليو، بأنه ما كان ليخضع لأي محاكمة لو أنه لم ينتقل من بادوڤا إلى فلورنسا، ذلك أن بادوڤا تعتمد على البندقية، في حين أن فلورنسا تعتمد على روما.99 وقد سمحت بادوڤا بحريّة كبيرة للبحث العلميّ، حيث أن فينيسيا كانت مستقلّة عن روما.100 حتى أن الدراسات البروتستانتية كانت مسموحة هناك،101 الأمر الذي كان مستحيلاً في فلورنسا. كان أحد أفضل أصدقاء غاليليو هو جيوڤاني فرانشيسكو ساجريدو (١٥٧١ - ١٦٢٠)، قد سبق وحذَّر غاليليو في عام ١٦١١ من الإنتقال إلى فلورنسا، ذلك أنه سيعتمد على السياسات الدولية وعلى اليسوعيّين.102 إلا أنَّ غاليليو كان قد تجاهل هذا كما تجاهل كل التحذيرات اللاحقة.

الطرح الثالث عشر. وفاة غاليليو قبل أوربان الثامن

توفّي غاليليو في عام ١٦٤٢، قبل عامين من وفاة عدوّه اللدود، البابا أوربان الثامن وذلك في عام ١٦٤٤. حيث أنه وبعد موت أوربان، تغيّر الوضع برمّته في إيطاليا واستعادت عائلة ميديشي (Medicis) اعتبارها وكرامتها. ومن المؤكَّد أن غاليليو كان ليستعيد اعتباره (راجع الطرح ١٢).103

الطرح الرابع عشر. غاليليو لم ينكر إيمانه

لم يكن غاليليو عالماً غير مسيحياً من علماء عصر التنوير، لكنه كان كاثوليكياً واثقاً.104 وكان يسعى جاهداً لإظهار توافق تعاليمه مع تعاليم الكتاب المقدس الأمر الذي، من بين أمور أُخرى كثيرة، قد وضعه في صراع مع المؤسسة الكاثوليكية.

يمكن رؤية أفكار غاليليو حول علاقة العلم والإيمان في الإقتباسات التي أشار إليها فيشر في الطرح السابع. ويضيف سوللي:

”نظراً لكونه عالماً مؤمناً للغاية، لم يستطع غاليليو أن يتقبَّل وجود تعارض بين العلم والإيمان، الأمر الذي وعلى ما يبدو أنه قد ابتدأ عندما باشر بتفسير الكتاب المُقدَّس. نظراً لكونه رجلاً علمانياً، فقد واجهَ الكثير من المقاومة من قِبَل اللاهوتيّين. وقد كانت محاولاته لتفسير الكتاب المُقَدَّس هي أحد الأسباب التي قادت إل المحاكمة. وسبب آخر هو محاولته لتعميم نظام كوبرنيكوس.“105

وبسبب أنَّ غاليليو قام بتفسير الكتاب المقدس بصفته رجلاً علمانياً وقد كُتِبَ كُتُبَهُ باللغة الإيطالية المَحكِيَّةِ، وبالتالي فإنه طان رائداً من رُوَّادِ القوميّةِ الإيطاليةِ (راجع الطرح ١٥)، فواجه ذاتَ المقاومةٍ التي واجَهَت مارتن لوثر قبل قرن من الزمن قُبيل استخدامه اللغةَ الألمانيّةَ في كتاباتهِ اللاهوتيَّةِ.

إن مُقدِّمةَ علمه الكبير ”Dialogo“ تحتوي على تصريحات واضحة تُفيد بأن غاليليو لم يرغب بالوقف موقفاً مُضاداً للكتاب المُقدَّس106 أو للكنيسة الكاثوليكيّة. يكتب ألبريخت فولزينغ:

”إن العديد من المُعجَبين بغاليليو في القرنين التاسع عشر والعشرين، يُمكن أن يفهموا هذه المقدمة على أنها تنازل من أجل الرقابة. ففسَّرها البعض على أنها احتيال لتخطّي المرسوم الحكومي. والبعض الآخر على أنها خضوع غير مُبَرَّر، والبعض الآخر على أنها استهزاء بسلطة الكنيسة… من ناحية أُخرى، نودُّ أن نقترحَ أن يكون هذا النص هو تعبير حقيقيٌّ عن نيّة غاليليو في ظل الظروف القائمة. فالمحتوى مشابه إلى حدٍّ كبير لما هو موجود في الرسالة إلى إغنولي ’Ignoli‘ من عام ١٦٢٤، والتي لم تكن بحاجة لموافقة من الرقابة، حيث أنَّها لم تكن قد كُتبت من أجل الطباعة، ولكن كان المقصود منها اختبار مدى الحرية التي يتمتع بها البحث العلمي والتي يسمح بها كلٌّ من البابا وكرسي روما. حتى وإن أخذ المرء في الحسبان تلك الجوانب التكتيكية لهذه النصوص (رسالة عام ١٦٢٤ ومقدمة ديالوغو)، فلا يوجد سبب للشك في النية الصادقة لغاليليو، الكاثوليكي المؤمن.“107

صرّح إل. باستور مدافعاً عن العصمة البابويّة بأنَّ البابا قد رأى خطراً بروتستانتيّاً قي غاليليو، لكن يوجد آخرين قد شككوا في ذلك.108 ومن ناحية أُخرى، كان أحد أوائل الناقدين لغاليليو قسيساً بروتستانتياً من بوهيميا.109 لكن من ناحية أُخرى، نجد أنَّ كتابات غاليليو قد نُشِرَت وطُبِعَت في دول بروتستانتية وبالتالي فإنها كانت قد أصبحت معروفةً، وإلى جانب هذا نجد أن غاليليو نفسه كان معادياً معروفاً للبروتستانتية.110

الطرح الخامس عشر. كان غاليليو مدافعاً عن العلم والإيمان

لم يكن غاليليو عالماً نفى أي ميتافيزيقيا [علوم ما وراء الطبيعة] أو فضّل الفصل بين الإيمان والعلم (راجع الطرح ١٤). ويتناقص فيشر اقتباساً من رسائل غاليليو التي تتناول البقع الشمسية، ويتحدَّث بشكل أكثر عموميّة:

”في هذه الجُمَل الأخيرة، يمكن للمرء أن يسمع غاليليو آخرَ مختلفاً إلى حدٍّ ما عن الصورة النمطية التي يرسمها التأويل التقليدي له. ويقدم الخط الرئيسي للتأريخ العلمي إبتداءً من وولويل إلى دريك، غاليليو على أنّه مناهضٌ للميتافيزيقا والفلسفة، وذلك باعتباره المبادر في الفيزياء المبنية على التجربة والملاحظة، وعلى أنه مدافع عن العلم ضد المطالب غير الشرعيّة للدين، وأيضاً كمروّجٍ للفصل بين الإيمان والعلم. والآن نسمع اعترافاً بأن محبة الخالق العظيم هي الهدف النهائي لكل أعمالنا، لما في ذلك عملنا العلميّ! العلم كإدراك لحقيقة الله! … ولا يمكن تبرئة رواد التأريخ من اللوم في أنهم قرأوا كتابات غاليليو بشكلٍ انتقائيّ للغاية.“111

ويكتب فيشر في وقت لاحق عن التفسير الخاطئ لعمل غاليليو:

”أدى هذا التفسير الخاطئ إلى العجز عن تقييم كتابات غاليليو المبكرة (”Juvenilia“) بشكل صحيح، وذلك نتيجة لتجاهل العديد من الأقسام التي تتناول التأملات والمحتويات الميتافيزيقية المنتشرة في جميع أنحاء كتابات غاليليو، نعم بالفِعل، كما وأدّى إلى تفسير خاطئ لفهم غاليليو للعلاقة بين العلم والإيمان… .“112


توماس شييرماخر هو أستاذ للأخلاق والبعثات العالمية في العديد من المعاهد الأمريكية وعميد كلية مارتن بوكر في بون. حاصل على شهادة الدكتوراه في اللاهوت (د. ثيول.، ١٩٨٥، هولندا)، الدكتوراه في علم الإنسان الثقافي (١٩٨٩، الولايات المتحدة الأمريكية) الأخلاق (١٩٩٦، ThD، الولايات المتحدة الأمريكية)، كما وتحصَّل على الدكتوراه الفخرية (DD) في عام ١٩٩٧ (الولايات المتحدة الأمريكية). وهو أيضاً قسّ كنيسة (Free reformed) في بون. متزوّج من كريستين ولديه منها طفلان.

مراجع

  1. Hemminger, H. and Hemminger, W., Jenseits der Weltbilder: Naturwissenschaft, Evolution, Schopfung, Quell Verlag, Stuttgart, Germany, pp. 201–202, 1991. عودة إلى النص.
  2. Hemleben, J., Galileo Galilei, mit Selbstzeugnissen und Bilddokumenten dargestellt, Rowohts Monographien 156, Rowohlt Verlag, Reinbek, Germany, 1969. عودة إلى النص.
  3. Schmutzer, E. and Schütz, W., Galileo Galilei, Biographien hervorragender Naturwissenschaftler, Techniker und Mediziner 19, B. G. Teubner, Verlagsgesellschaft, Leipzig, Germany, 1983. عودة إلى النص.
  4. Fischer-Fabian, S., Die Macht des Gewissens, Droemer Knaur, Munich, Germany, pp. 149–200 (chapter 4: Galilei oder ‘Eppur si muove’), 1987. Fischer-Fabian starts his chapter on Galileo with examples of legends on Galileo, which have long been disproved (p. 149). Nevertheless, he wants to use them as anecdotes, which are not historical but contain a grain of truth (p. 150). Even though he frequently speaks about Galileo legends (e.g. on p. 193 he shows that Galileo was never tortured), his chapter on Galileo is a pure hagiography, full of heroism عودة إلى النص.
  5. Freiesleben, H.C., Galilei als Forscher, Darmstadt, Germany, p. 8, 1968. عودة إلى النص.
  6. E.g. the hero-worship with many legends on Galileo in the book for youth by the French professor of physics; Maury, J-P., Galileo Galilei: Und sic bewegt sich doch! Abenteuer—Geschichte 8, Ravensburg, Germany, 1990. (cf. my review in Querschnitte Jan/Mar 4, p.23, 1991. Galileo is said to have discovered through his telescope ‘irrefutable proofs for the Copernican world-view’ (see backcover)!) عودة إلى النص.
  7. Molir, W, Naturwissenschaft und Ideologie, Aus Politik und Zeitgeschichte (Beilage zur Wochenzeitung Das Parlament) Nr B15/92, pp. 10–18, especially pp. 11–12, 3 April 1992. عودة إلى النص.
  8. Custance, A.C., The medieval synthesis and the modern fragmentation of thought; in: Custance, A.C., Science and Faith, The Doorway Papers VIII, Grand Rapids, MI, pp. 99–216, here chapter 3: History Repeats Itself, pp. 152–167, 1978. عودة إلى النص.
  9. Koestler, A., The Sleepwalkers: A History of Man’s Changing Vision of the Universe, Hutchinson, London, p. 425, 1959. عودة إلى النص.
  10. Galileo Galilei, Schriften, Briefe, Dokumente 2, Berlin, Munich, 1987, or any English collection of Galileo’s writings. عودة إلى النص.
  11. Fischer, K., Galileo Galilei, Munich, 1983. Fischer discusses very well how far Galileo produced real scientific progress in his times. عودة إلى النص.
  12. Koestler, Ref. 9, pp. 352–495; cf. footnote 12yyy. عودة إلى النص.
  13. Solle, Z., Neue Gesichtspunkte zum Galilei-Prozeß, (mit neuen Akten aus böhmischen Archiven), ed. Hamann, G., Österreichische Akadernie der Wissenschaften, Philosophisch-historische Klasse, Sitziingsberichte 361, Veröffentlichungen der Kommission für Geschichte der Mathematik, Naturwissenschaften und Medizin 24, Vienna, 1980. A very good introduction (without footnotes) into an alternative view of the Galileo affair can be found in the mentioned texts of Gerhard Prause. Catholic historians have produced several refutations and justifications on the Galileo affair, which have not been used in our article, although they argue similarly, see e.g. several articles in: Coyne, G.V., Heller, M. and Zycinski, J., The Galileo affair: a meeting of faith and science; in: Proceedings of the Cracow Conference 24 to 27 May 1984, Vatican City, 1985, and Brandinfiller, W, Galilei und die Kirche: Ein ‘Fall’ und seine Lösung, Aachen, Germany, 1994. عودة إلى النص.
  14. Koestler, Ref. 9, p. 426. عودة إلى النص.
  15. Solle, Ref. 13, p. 6. عودة إلى النص.
  16. Koestler, Ref. 9, pp. 355–358. عودة إلى النص.
  17. Custance, Ref. 8, p. 154 with further literature; cf. the addendum in Koestler, Ref. 9, p. 495. عودة إلى النص.
  18. Mudry, A., Annäherung herung an Galileo Galilei, editors introduction, in: Galileo Galilei, Schriften, Briefe, Dokumente, vol. 2, Berlin and Munich, Germany, p. 29. عودة إلى النص.
  19. Index Liborum Prohibitorum (Latin: Index of Forbidden Books), list of books once forbidden by Roman Catholic Church authority as dangerous to the faith and morals of Roman Catholics. Publication of the list ceased in 1996, and it was relegated to the status of a historic document. The New Encyclopaedia Britannica, 15th Edition, Encyclopaedia Britannica, Inc., Chicago, p. 285, 1992. عودة إلى النص.
  20. Koestler, Ref. 9, pp. 457–459; Koestler shows that in Galileo’s time, many books were put on the ‘Index’ without any disadvantages for the authors. He shows that even books from the cardinals and censors judging Galileo were on the ‘Index.’ عودة إلى النص.
  21. Hemleben, Ref. 2, p. 167. عودة إلى النص.
  22. Koestler, Ref. 9, p. 426. عودة إلى النص.
  23. Koestler, Ref. 9, p. 426; cf. pp. 426–428; cf. about the visit, Wohlwill, E., Galilei und sein Kampf für die copernicanische Lehre, Vol. 1, pp. 366–392. عودة إلى النص.
  24. Maury, Ref. 6, p. 96. Totally wrong is the outlook of Freiesleben, Ref. 5, p. 8, who writes, concerning the time after 1610: ‘From this time on Galileo tried to get the Copernican system to be acknowledged especially by representatives of the Church. Unfortunately, he had the opposite result. ’ عودة إلى النص.
  25. Koestler, Ref. 9, pp. 431, 432. عودة إلى النص.
  26. Koestler, Ref. 9, pp. 442–443. عودة إلى النص.
  27. So especially Prause, G., Niemand hat Kolumbus ausgelacht: Milschungen und Legenden der Geschichte richtiggestellt, Dfisseldorf, Germany, pp. 182–183, n.d. عودة إلى النص.
  28. Prause, G., Galileo Galilei war kein Mfirtyrer, Die Zeit, p. 78, 7 November 1980. عودة إلى النص.
  29. cf. Siemens, D.F., Letter to the editor, Science 147:8–9, 1965. His authority is Barber, B., Resistance of scientists to scientific discovery, Science 134:596 ff., 1961; cf, Custance, Ref. 8, p. 157. The best argument for this thesis can be found in Wohlwill, Ref. 23. عودة إلى النص.
  30. Koestler, Ref 9, pp. 369–370. عودة إلى النص.
  31. Schmutzer and Schütz, Ref. 3, p. 28. عودة إلى النص.
  32. Beside the quotations in the text, further examples of Galileo’s fury can be found in Koestler, Ref. 9, pp. 431–432, 433–436, 362–361. عودة إلى النص.
  33. Galilei, G., Sidereus Nuncius (Messenger from the Stars), Venice, 1610. عودة إلى النص.
  34. Koestler, Ref. 9, p. 368. عودة إلى النص.
  35. Koestler, Ref. 9, p. 452. عودة إلى النص.
  36. Solle, Ref. 13, p. 9. عودة إلى النص.
  37. Koestler, Ref. 9, p. 467. عودة إلى النص.
  38. Fischer, Ref. 11, pp. 128–129; cf. Thesis 10 on this battle. عودة إلى النص.
  39. Koestler, Ref. 9, p. 363. عودة إلى النص.
  40. Custance, Ref. 8, p. 153. عودة إلى النص.
  41. Custance, Ref. 8, p. 153. عودة إلى النص.
  42. Koestler, Ref. 9, p. 370. عودة إلى النص.
  43. Koestler, Ref. 9, p. 375. عودة إلى النص.
  44. Koestler, Ref. 9, p. 378. عودة إلى النص.
  45. Koestler, Ref. 9, pp. 376–377. عودة إلى النص.
  46. Fischer, Ref. 11, p. 169. عودة إلى النص.
  47. Koestler, Ref. 9, p. 438; cf. the next paragraph pp. 438–439. عودة إلى النص.
  48. Koestler, Ref 9, p. 485. عودة إلى النص.
  49. Koestler, Ref. 9, p. 492. عودة إلى النص.
  50. Fischer, Ref. 11, p. 94. عودة إلى النص.
  51. Koestler, Ref. 9, pp. 357–358; cf. p. 431. عودة إلى النص.
  52. Koestler, Ref. 9, cf. Thesis 1. عودة إلى النص.
  53. Fischer, Ref. 11, p. 138. عودة إلى النص.
  54. Fischer, Ref. 11, p. 53. عودة إلى النص.
  55. Quoted by Koestler, Ref. 9, p. 461. عودة إلى النص.
  56. Koestler, Ref. 9, p. 478. عودة إلى النص.
  57. Koestler, Ref. 9, p. 449; cf. pp. 445–451, especially pp. 449–450 for the whole debate. عودة إلى النص.
  58. Fischer, Ref. 11, p. 148. عودة إلى النص.
  59. Koestler, Ref. 9, p. 436. عودة إلى النص.
  60. Fischer, Ref. 11, p. 123; cf. Custance, Ref. 8, pp. 157, 154–155. عودة إلى النص.
  61. Fischer, Ref. 11, p. 122. عودة إلى النص.
  62. Koestler, Ref. 9, p. 437. عودة إلى النص.
  63. Koestler, Ref. 9, p. 437; cf. the whole paragraph. عودة إلى النص.
  64. Koestler, Ref. 9, p. 464. عودة إلى النص.
  65. Koestler, Ref. 9, pp. 464–467; cf. Thesis 10 on the tidal theory. عودة إلى النص.
  66. Koestler, Ref. 9, p. 454. عودة إلى النص.
  67. Wallace, WA, Galileo’s concept of science: recent manuscript evidence; in: Coyne et al. (ed.), Ref. 13, pp. 15–40. عودة إلى النص.
  68. Wallace, WA, Galileo’s concept of science: recent manuscript evidence; in: Coyne et al. (ed.), Ref. 13, pp. 15–40. عودة إلى النص.
  69. Koestler, Ref. 9, p. 427. عودة إلى النص.
  70. Fischer, Ref. 11, p. 139; cf. p. 123. عودة إلى النص.
  71. Fischer, Ref. 11, p. 121. عودة إلى النص.
  72. Fischer, Ref. 11, pp. 128–129; see the quotation from this section under Thesis 4; cf. Koestler, Ref. 9, pp. 467–468. عودة إلى النص.
  73. To expand Thesis 5, cf. Koestler, Ref. 9, p. 378 and Custance, Ref. 8, p. 154. عودة إلى النص.
  74. Koestler, Ref. 9, pp. 464–467, 453–454. عودة إلى النص.
  75. Solle, Ref. 13, p. 13; cf. Koestler, Ref. 9, p. 467. عودة إلى النص.
  76. Koestler, Ref. 9; Fischer, Ref. 11. عودة إلى النص.
  77. Koestler, Ref. 9, pp. 441–442. عودة إلى النص.
  78. Fischer-Wollpert, R., Lexikon der Päpste, Verlag Friedrich Pustet, Regensburg, Germany, p. 118, 1985. عودة إلى النص.
  79. Koestler, Ref. 9, p. 471. عودة إلى النص.
  80. Koestler, Ref. 9, p. 471; similarly Fischer, Ref. 11, pp. 145–146. عودة إلى النص.
  81. Solle, Ref. 13, p. 58. عودة إلى النص.
  82. Koestler, Ref. 9, p. 472. عودة إلى النص.
  83. Koestler, Ref. 9, p. 483. عودة إلى النص.
  84. Solle, Ref. 13, pp. 38–39. عودة إلى النص.
  85. Solle, Ref. 13, p. 64 and the whole book of Solle; cf. Thesis 6. عودة إلى النص.
  86. Fischer, Ref. 11, p. 126 (with additional literature). عودة إلى النص.
  87. Koestler, Ref. 9, p. 482. عودة إلى النص.
  88. Solle, Ref. 13, p. 45. عودة إلى النص.
  89. Solle, Ref. 13, p. 22. عودة إلى النص.
  90. Fischer, Ref. 11, p. 144. عودة إلى النص.
  91. Solle, Ref. 13, p. 25; cf. Fischer, Ref. 11, p. 144. عودة إلى النص.
  92. Solle, Ref. 13, pp. 26–27. عودة إلى النص.
  93. cf. Fischer, Ref. 11, p. 144. عودة إلى النص.
  94. Solle, Ref. 13, p. 54. عودة إلى النص.
  95. Solle, Ref. 13, p. 55. عودة إلى النص.
  96. Solle, Ref. 13, p. 57. عودة إلى النص.
  97. Solle, Ref. 13, p. 64. عودة إلى النص.
  98. Solle, Ref. 13, p. 65. عودة إلى النص.
  99. Hemleben, Ref. 2, pp. 62–64 u. a. عودة إلى النص.
  100. Hemleben, Ref. 2, p. 62. عودة إلى النص.
  101. Hemleben, Ref. 2, p. 32. عودة إلى النص.
  102. Hemleben, Ref. 2, pp. 63–64. عودة إلى النص.
  103. Solle, Ref. 13, pp. 64–71. عودة إلى النص.
  104. This has been proved most clearly by Pedersen, O., Galileo’s Religion, in: ed. Coyne et al., Ref. 13, pp. 75–102, especially pp. 88–92 on Galileo’s faith in God and pp. 92–100 on his Catholic faith and his rejection of all non-Catholic ‘heresies.’ عودة إلى النص.
  105. Solle, Ref. 13, p. 9; cf. the judgment by Fischer, Ref. 11, pp. 114–115, quoted in the explanation to Thesis 7. عودة إلى النص.
  106. cf. on the positive attitude of Galileo to Scripture, Wohlwill, Ref. 23, pp. 485–524, 542–555, especially p. 543. عودة إلى النص.
  107. Fölsing, A., Galileo Galilei, Prozess ohne Ende: Eine Biographie, Munich, Germany, p. 414; cf. also pp. 414–415, 1983. عودة إلى النص.
  108. Following Solle, Ref. 13, p. 38. عودة إلى النص.
  109. Solle, Ref. 13, p. 7. عودة إلى النص.
  110. Wohlwill, Ref. 23, pp. 552–555; Pedersen, Ref. 104, pp. 92–100. عودة إلى النص.
  111. Fischer, Ref. 11, p. 114. عودة إلى النص.
  112. Fischer, Ref. 11, p. 115. عودة إلى النص.