Explore
Also Available in:

لقاء مع الأسلاف

فحص مميز للائحة الآباء البطاركة الواردة في مقدمة سفر التكوين

بقلم: Russell Grigg
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

126-ancestors-ark

هل يُمكنك أن تتخيل لامك والد نوح،1وهو يُخاطب آدم قائلاً له: ”حَدثني مجدداً، كيف كان الامر حين كنت تتخاطب مع الله في جنة عدن قبل أن تأكل من الثمرة المُحرمة؟“ هل هذه المحادثة هي مُحادثة تخيّلية؟ نعم، ولكن ليس من المستبعد أن تكون قد وقعت بالفعل، إذ أنَّه وفقاً لسجلات الأنساب الواردة في سفر التكوين، فإنَّ آدم لم يرقد إلى أن بلغ لامك عامه الخامس والستين.2 انظر الجدول المرفق.

 ماذا عن قول ابراهيم لسام: ”حَدِّثني مُجددا كيف تشاركت مع أخويك حام ويافث في العمل مع أبيكم نوح على بناء الفلك، وكيف كانت الحياة على متنه لمدة عامٍ خلال مدة الطوفان، مع كل تلك الحيوانات التي أحضرها الله إليكم؟“ هل هذه المحادثة هي محادثة تخيّلية؟ نعم، إلا أنَّ وقوعها هي الأُخرى ليس بالأمر المستبعد، لأنه وفقاً لسجلات الأنساب الواردة في سفر التكوين، فإن سام كان قد عاش في أيام ابراهيم!4،3

 إن الكتاب المقدس دقيق في تسجيله لأعمار الآباء البطاركة من آدم إلى ابراهيم، حيث يتم تقديم عمر كلِّ واحدٍ منهم حين وُلِدَ ابنه البكر، أو الإبن الذي ينتمي إلى سلسلة المسيا/العهد، وكم هي المدة التي عاشها بعد ذلك، و/أو عمر كلّ واحدٍ منهم عند وفاته.6،5 وبالتالي فإنَّه من خلال القيام بعملية حسابية بسيطة يُمكن أن يتم بدقة وسهولة تحديد عام العالم الذي وُلِدَ، وعاش، ومات فيه كُلِّ واحدٍ من الآباء البطاركة، ولذلك فإنَّه يتم استبعاد أي احتمالية لوجود أي فجوة في قوائم سفر التكوين المذكورة. (عام العالم في اللاتينية Anno Mundi لذلك فإنه يتم اختزاله إلى ’AM ‘.) 

 وبالتالي فإن آدم الذي كان قد خُلق في اليوم السادس من السنة الأولى، والمُتوفَّى في العام ٩٣٠ [من بدء الخليقة] AM، يُمكن أن يكون قد تحدث مع أحفاده بمن فيهم لامك والد نوح المولود في العام ٨٧٤ AM. أما بالنسبة لسام ابن نوح، المولود في العام ١٥٥٨ AM والمتوفى في ٢١٥٨ AM، فإنَّه من الممكن أن يكون قد تحدث مع أحفاده بمن فيهم ابراهيم (المولود في العام ٢٠٠٨ AM).‏3

 وبطريقة مشابهة، يُمكن أن يتم تحديد تاريخ الطوفان الذي وقع بعد الخلق بطريقة دقيقة. سفر التكوين٧: ٦ ”وَكَانَ عُمْرُ نُوحٍ سِتَّ مِئَةِ سَنَةٍ عِنْدَمَا حَدَثَ طُوفَانُ الْمَاءِ عَلَى الأَرْضِ.“ من خلال النظر إلى الجدول المُرفق، يُمكننا أن نعرف بأنَّ نوح قد وُلِدَ في العام ١٠٥٦ AM، وبأنَّ الطوفان قد وقع بعد ٦٠٠ عام، أي في العام ١٦٥٦ AM، أي قبل ٣٥٢ سنة من مولد ابراهيم. 

 لاحظ أن سام (المتوفى في العام ٢١٥٨ AM) وعابر (المتوفى في العام ٢١٨٧ AM) كلاهما قد عاشا ليعاصرا أحفادهما حتى ابراهيم. لذلك فإنَّه ليس من المستغرب أن يُعرف المجتمع البطريركي الذي أُنشئ فيما بعد تحت مُسمى ’الساميّين‘ (نسبةً إلى سام) أو ’العبرانيين‘ (نسبةً إلى عابر). 

 هل يوجد أي فجوات؟ 

 يوجد البعض من المسيحيّين ذوي السيط الذائع ممن قد قالوا بوجود فجوات في سلاسل الأنساب المذكورة. إن السبب الذي يقف وراء قولهم هذا هو محاولتهم لتمديد الإطار الزمني الكتابي لكي يتوافق بشكل جُزئي مع مُخرجات علمي الآثار والجيولوجيا العلمانيّين. ولكن كما سبق وأظهرنا سالفاً فإنَّه لا يوجد أي فجوات زمنية في سلاسل الأنساب المُسَجَّلة في سفر التكوين — إن الصيغة التي ترد وفقها لا تحتمل تفسيرات متعددة! 

هل هذه التسجيلات دقيقة؟

 يوجد إحدى عشر آية في سفر التكوين تبتدئ بعبارة ”هذه مواليد (في اللغة العبرية [توليدوث] وتعني ’أصول‘، أو ’تاريخ‘ أو ’تاريخ عائلة‘) …“7 إن كل واحد من هذه التصريحات يرد بعد الأحداث التي يتم تقديم وصف لها من خلاله، وجميع الأحداث التي يتم تقديم تسجيلات عنها في هذه الأجزاء، كانت قد وقعت قبل وليس بعد وفاة الأشخاص الموصوفة أسماؤهم، وبالتالي فإنَّ هذه الاجزاء قد تكون بمثابة خلاصات أو توقيعات ختامية، أي أنها بمثابة توقيع من الكاتب وليست عناوين فرعية أو افتتاحيّات. إن كان الأمر كذلك، فإن التفسير الأكثر احتماليّةً لهذه الأجزاء هو أنَّ آدم، ونوح، وسام، والآخرين كانوا قد قاموا بتوثيق الأحداث التي رافقت حياتهم،8 من خلال كتابتها على ألواح طينية، وقد تمَّ تمريرها من الأب إلى الإبن من خلال سلسلة [امتدت عبر] آدم، شيث، … نوح، سام، … ابراهيم، اسحق، يعقوب وهلم جرا. بعد ذلك قام موسى مُساقاً من الروح القدس بانتقاء وجمع وتحرير هذه الألواح مضيفاً إليها تعليقاتٍ تفسيرية ليجمعها في كتاب نعرفه في يومنا هذا بإسم سفر التكوين.9

إن وجود مثل هذه السجلات كان قد ساعد على المحافظة على دقة أي سردٍ شفهي عن الأحداث، وكذلك هو الحال مع التداخل الظاهر للأجداد. وبالتالي فإن نقل التسجيلات من آدم إلى ابراهيم سوف لن يحتاج إلى أكثر من وسيطين، على سبيل المثال متوشالح (أو ربما لامك) و من ثمَّ سام.

 إن تفاصيل سلاسل النسب المختصة بالآباء البطاركة المُبكّرين قد أعطيت ثلاث مرات في الكتاب المقدس — في الإصحاحين الخامس والحادي عشر من سفر التكوين، وكذلك في الإصحاح الأول من سفر أخبار الأيام الأول، وكذلك في الإصحاح الثالث من لوقا. إن هذه الحقيقة تُظهر الإهتمام الذي تعامل من خلال الله مع هذه التفصيلات.12،11،10 الآية الرابعة عشر من رسالة يهوذا تُشير بشكل خاص إلى أخنوخ على أنَّه ”السابع من آدم“ وهي بذلك تُدَعِّم حقيقة كون سجلات الأنساب هذه هي سجل تاريخي مُحكم وبأنَّه من الواجب علينا أن نتعامل معها بشكل حرفيّ، بشكل موافق لما قام به كُتَّاب العهد الجديد.13 

 ماذا عن تلك الأعمار الطويلة؟

15739-graph
[ Click here for larger screen-quality version.
Click here for full-quality version, suitable for printing. ]

 لقد قام الكثير من الأشخاص بتقديم اقتراحات تقول بأنَّ تلك الأعمار الطويلة للآباء البطاركة المذكورة في سفر التكوين لم تكن [ذات طبيعة] تاريخية. ولكن يوجد مجموعة من الأمور التي يجب أن يتم أخذها بعين الإعتبار: 

 ١) لا ينطوي النص على أي أمر يشير إلى أنَّه لم يكن المُراد منها أن تُؤخذ بطريقة تاريخية. 

 ٢) إن حجمها التقريبي متوافق مع السجلات السومرية.1

 ٣) الطريقة العبرية في تدوين الأرقام (من خلال استخدام الكلمات) ستزيد من صعوبة ارتكاب الأخطاء النسخية. 

 ٤) تم تقديم افتراض يفيد بأن المعنى المُراد من كُلِّ ”سنة“ هو أن يتم فهمها على أساس أنها شهر. وبالتالي فإن متوشالَح، على سبيل المثال، سيكون بعمر ثمانين عام عند وفاته. ولكن، ناهيك عن كون هذا الأمر مُجرد افتراض ارتجالي ولا يمتلك أي سند نصِّي، فإنَّه لا يحمل أي معنىً، ذلك أنَّ بعض الآباء البطاركة سيلدون مولودهم الأول في طفولتهم المُبَكِّرة. 

 ٥) يوجد اتساق داخلي متين. من خلال النظر إلى الأعمار المُعطاة عند الوفاة ، يُمكن أن يتم احتساب تاريخ وفاة متوشالَح في ذات العام الذي وقع فيه الطوفان.2 في حين أنّه إن تم استخدام الترجمة السبعينية (غير المعصومة)، فإنَّ تاريخ وفاته سيكون بعد موعد وقوع الطوفان بـ١٤ عام، وذلك على الرغم من أنَّه لم يكن على متن الفلك — وهذا يشكل تناقض داخلي. إن التراجع المفاجئ في معدل الأعمار يبدأ (فقط) بعد الطوفان، وهو الأمر الذي يتفق مع التأثير الكارثي على العالم وعلى السكّان.

 ٦) لا يوجد أي مانع بيولوجي يعيق وجود الأعمار الطويلة، كما يوجد تفسيرات وراثية مُقنعة تُقدم تفسيرات للتراجع اللاحق [في معدل الأعمار] (بالإضافة إلى وجود عوامل بيئية أُخرى). 3

مراجع وملاحظات

  1. إن أعمار ملوكهم الذين عاصروا فترة ما قبل الطوفان تُظهِرَ الكثير من المُبالغة. لكن حين يُدرك المرء أنَّ السومريّين كانوا قد استخدموا أرقاماً ذات أساس سِتِّينيّ (وليس عِشْرِيّ)، وهو الأمر المرجح حدوثه عند النسخ من السجلات التاريخية التي سبقت الطوفان، فإن الأعمار [المذكورة] سوف تتوافق مع معدل أعمار الآباء البطاركة المذكورة في سفر التكوين.
    See López, R.,  The antediluvian patriarchs and the Sumerian King List, J. Creation 12(3):347–357, 1998.
  2.  يجادل البعض من المُفسّرين أن اسم متوشالَح مُشتقّ من الكلمتين ’موث‘ (وتعني موت) و ’شالَح‘ (وتعني يستحضر أو يُرسل)، وبالتالي فإنَّ اسمه يعني ’موته سيستحضر أو يأتي بـ‘. إن كان الأمر كذلك، فإن هذا الأمر يتوافق مع كونه أكبر مُعَمِّرٍ مذكور في الكتاب المقدس، ويقوم بتقديم صورة رمزية عن صبر الله الواسع وطول أناته.
  3. Wieland, C., Living for 900 yearsCreation 20(4):10–13, 1998 and  Decreased lifespans: have we been looking in the right place? J. Creation 8(2):138–141, 1994.

مراجع

  1. لا يجب الخلط بين لامك ابن متوشالَح ولامك حفيد قايين (التكوين ٤: ١٧-١٨). عودة إلى النص.
  2. Adapted from McIntosh, A.C., Genesis for Today—Showing the relevance of the creation/​evolution debate to today’s society, 2nd edition, Day One Publications, Epsom, UK, pp. 44–47, 2001. Note that Genesis for Today discusses other options for the dates of Abraham. عودة إلى النص.
  3. إن أبرام الذي ورد ذِكره أولاً في التكوين ١١: ٢٦، كان الإبن الأكثر أهمية بين أبناء تارَح الثلاثة؛ ربما يكون البكر ولكن يجوز الوجهان، انظر سام، الهامش 6. كان ابرام قد غادر حاران وهو بعمر ٧٥ (التكوين ١٢: ٤)، بعد وفاة تارَح (أعمال الرسل ٧: ٤) الذي تُوفي عن عمر يبلغ ٢٠٥ أعوام (التكوين ١١: ٣٢). هذا الأمر يشير إلى أنَّ أبرام قد وُلِدَ حين كان تارَح يبلغ ١٣٠ عام. أي في العام ٢٠٠٨ AM. عودة إلى النص.
  4. إن اسم أبرام، الذي يعني ”الأب المُبَجَّل“، كان قد تغيَّر إلى ابراهيم، الذي يحمل معنى ”أب لجمهور من الأمم“ وذلك عندما كان أبرام يبلغ ٩٩ عاماً من العُمر (التكوين ١٧: ١، ٥عودة إلى النص.
  5. على سبيل المثال، التكوين ٥: ٣-٦ ”كَانَ عُمْرُ آدَمَ مِئَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً عِنْدَمَا أَنْجَبَ وَلَداً كَشَبَهِهِ وَمِثَالِهِ، وَسَمَّاهُ شِيثاً. وَعَاشَ آدَمُ بَعْدَ مَوْلِدِ شِيثٍ ثَمَانِيَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوُلِدَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ. وَمَاتَ آدَمُ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ تِسْعُ مِئَةٍ وَثَلَاثُونَ سَنَةً. كَانَ عُمْرُ شِيثٍ مِئَةً وَخَمْسَ سَنَوَاتٍ عِنْدَمَا أَنْجَبَ أَنُوشَ.“ عودة إلى النص.
  6. بين أبناء نوح الثلاثة، الذين وُلِدوا بعد أن بلغ نوح عامه الخمسمئة (التكوين ٥: ٣٢) ، وعلى الرغم من أن سام (الإبن الذي ينتمي إلى نسل العهد) كان قد ذُكر أولاً، إلا أنَّ يافث قد وُصِفَ بأنَّه البكر (التكوين ١٠: ٢١)، لذلك يتم الإفتراض بأنَّ يافث قد وُلِدَ حين كان عُمر نوح ٥٠٠ عام، ويتم وسم حام بأنَّه الأشد حداثةً بين أُخوته (التكوين ٩: ٢٤). نقرأ في التكوين ١١: ١٠ ”وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ سَامٍ. لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ.“ عودة إلى النص.
  7. التكوين ٢: ٤؛ ٥: ١؛ ٦: ٩؛ ١٠: ١؛ ١١: ١٠؛ ١١: ٢٧؛ ٢٥: ١٢؛ ٢٥: ١٩؛ ٣٦: ١؛ ٣٦: ٩؛ ٣٧: ٢عودة إلى النص.
  8. إن مُعظم الأحداث التي وقعت في أسبوع الخلق والمذكورة في الإصحاح الأول من سفر التكوين كانت قد وقعت قبل خَلْق آدم، وبالتالي لابدَّ من أنَّها قد أُعلِنَت من الله، ولربما كان الإعلان لآدم. عودة إلى النص.
  9. لقد صرَّح الرب يسوع وكذلك كُتَّاب الأناجيل أن الشريعة قد أُعطيت من خلال موسى (مرقس ١٠: ٣؛ لوقا ٢٤: ٢٧؛ يوحنا ١: ١٧)، كذلك هو الحال مع التقليد المشترك بين الكتبة اليهود والآباء المسيحيّين الأوائل، وخلاصة استنتاجات العلماء المحافظين في يومنا الراهن تقول جميعاً بأنَّ موسى هو كاتب سفر التكوين. 
    See Grigg, R., Did Moses really write Genesis? Creation 20(4):43–46, 1998.
    عودة إلى النص.
  10. راجع أهمية تكرار الحدث في التكوين ٤١: ٣٢ وكذلك في أعمال الرسل ١٠: ٩-١٦؛ ١١: ١٠عودة إلى النص.
  11. من أجل الوصول إلى نقاش حول ذِكر قايين في لوقا ٣: ٣٦، انظر مقالاً بعنوان قايين: كيفية تفسير الإختلاف بين لوقا ٣: ٣٦ والتكوين ١١: ١٢؟ عودة إلى النص.
  12. من أجل الوصول إلى نقاش حول عدد البشر قبل الطوفان، انظر
    Batten, D. Where are all the people? Creation 23(3):52–55, 2001.
    عودة إلى النص.
  13. إن مفتاح فهم أي جزء من الكتاب المقدس هو التحقق من غرض كاتب ذلك الجزء. تشير القراءة المباشرة لهذه السجلات الثلاثة إلى أنَّ الكُتاب كانوا قد قصدوا تقديم سجلات كاملة للأنساب للنسب من آدم إلى أبرام / ابراهيم (وإلى ملوك يهوذا في سفر أخبار الأيام الأول، وإلى الرب يسوع المسيح في لوقا ٣). 
    عودة إلى النص.