Explore
Also Available in:

الفيروسات التاجية والخلق

هل يشكل التفشي الأخير للفيروس التاجي (الكورونا) دعماً للتطور؟

بقلم:
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

National Pathogen Librarycorona-virus
صورة من مجهر إلكتروني للفيروس التاجي 2019- nCoV

يتواجد فيروس جديد يكتسح العالم. تطلق عليه الغالبية العظمى من الناس اسم ’فيروس كورونا‘، وقد تمت ملاحظة هذا الفيروس لأول مرة في ووهان الصينية، كما أنَّه ظهر في بلدان مختلفة. إضافةً إلى ذلك فإنَّه قد تسبب بوفاة العديد من الأشخاص. فمالذي يفترض بنا أن نفكر به حيال هذا الموضوع؟ وهل تدعم فيروسات الكورونا التطور؟ وهل يمكن أن نقدم تفسيراً لها في ضوء الخلق التوراتي؟ وهل يمكن أن يكون هذا جزءاً من الخلق [الذي وصفه الله بأنَّه] ’حسنٌ جِداً‘؟ ربما يتوجب عليك أن تتمسك بقبّعتك، لأنني على وشك أن أقوم بقلب الطريقة التي تفكر بها حيال الفيروسات رأساً على عقب.

معظم الفيروسات هي مفيدة

يتسبب الأمر بصدمة للكثير من الأشخاص، وذلك حين يسمعون بأن معظم الفيروسات هي مفيدة لهم. هل سبق لك وسمعت بأن تعداد البكتيريا المتواجدة في جسمك وعليه تتساوى مع عدد الخلايا المتواجدة فيه؟ هذا الامر صحيح. لكن الأمر الصحيح الآخر هو أنك تمتلك في أمعائك عددا من الفيروسات يتجاوز عدد البكتيريا! في الحقيقة يلعب التعداد الفيروسي (المعروف بإسم ’فيروم‘1) دوراً مهماً في تنظيم تعداد ونوعية البكتيريا المتواجدة في جسمك.2 وبدونها سوف يتم استهلاكنا وبسرعةٍ من قِبَل تلك البكتيريا الصغيرة الشرهة والتي تعيش في الأمعاء.

هل سبق وذهب للسباحة في المحيط؟ إذاً فأنت كنت تسبح في حساء شديد التركيز من البكتيريا. في الوقت الذي تتواجد فيه أنواع وأعداد كبيرة من البكتيريا في مياه المحيط، فإن الحال يتشابه مع حال أمعائك ، إذ يتواجد عدد من الفيروسات أكبر من عدد البكتيريا، والأمر الغالب هو أنها هي التي تعلب دوراً في الحفاظ على التوازن في المجتمع البكتيري المتواجد في مياه المحيطات. فهل يمكن أن تتواجد لدينا أسماك في حال غابت الفيروسات؟ هذا سؤال مثير للإهتمام يمكن لبعض العلماء اليافعين المغامرين أن يجيبوا عنه في يوم ما.

هل ذهبت للسباحة في بحيرة؟ إذاً فأنت كنت تسبح في حساء من البكتيريا والفيروسات. هل كان يطفوا على سطح تلك البحيرة بعض البط أو البجع أو الإوَزّ؟ إذاً فأنت كنت تسبح بين فيروسات الإنفلونزا. حقيقة الأمر إنَّ الطيور المائية (مثل البط والإوز) تحمل جميع أنواع فيروسات الانفلونزا بما فيها تلك التي لاتؤثر على البشر. تدخل تلك الفيروسات إلى الماء عندما تُخرِج الطيور فضلاتها. إلا أنَّ وجود الفيروس عادةً لا يسبب المرض لهذه الطيور3 أو لك، على الرغم من أنها تدخل إلى عينيك وأذنيك وفمك. قد يقول أحد أنصار التطور أنَّ سبب عدم إصابة الطيور بالمرض (عادةً) هو أنَّ الإثنين كانا في حالةٍ دائمةٍ من الصراع ولمدة امتدَّت لملايين من السنوات وقد استقرا من خلال هدنة، حيث أنَّ الفيروس لا يقتل المُضيف والمُضيف يقدم للفيروس مكاناً للحياة. أما من منظور الخلق، فإنَّه من المحتمل أن يكون لفيروس الإنفلونزا دوراً مفيداً للطيور، لكن من المشكوك أن يكون أيُّ شخص قد قام بأبحاث كافية عنه.

البعض من الفيروسات ربما تكون قد هربت من المجمع الجيني

هل تعلم أن خلايا جسمك تنتج الكثير من المواد التي تُصنَع منها الفيروسات؟ حيث أننا نصنع الغطاء [أو القشرة] البروتينية ونقوم بنسخ الحمض النووي DNA والحمض النووي الريبي RNA، ولدينا آليات لنقل أجزاء الحمض النووي إلى أجزاء مختلفة من الجينوم، وما شابه ذلك. وبهذه الطريقة قد تكون البعض من الفيروسات قد نشأت من خلال عمليات خلوية طبيعية.4 جميع هذه الأجزاء متواجدة، وفي بعض الأحيان تتجمع هذه الأجزاء لتشكل ما يشبه الفيروسات. وكل ما يتطلبه الأمر هو اجراء البعض من التغييرات العرضية وقد يخرج هذا التجمع عن السيطرة ’وينتشر الوباء‘.

البعض من الفيروسات ربما تكون قد هربت [انفلتت] من قيود التصميم الإبتدائية

pixabay.commandarin-ducks
على الرغم من جمالها، إلا أن البط والطيور المائية تحمل جميع الأنواع المعروفة من الانفلونزا

ليست جميع الفيروسات تشبه ما يتواجد في المجمع الجيني (الجينوم). فالعديد من الفيروسات التي تتسبب بالأمراض تظهر وكأنها مُصمَّمة لأداء هذا الدور. فمن أين أتت إلينا؟ حسناً، إن كان يوجد فيروس مصمم لإصابة الخلايا البكتيرية، أو فأراً، أو حتى إنساناً، فإنه من المحتمل أن يتواجد أنواع من الاختبارات والأنظمة لحفظ التوازن التوازن في ذلك النظام. لكن فشل إحدى هذه الأنظمة الإختبارية قد يتسبب بمنح الفيروس القدرة على التضاعف بشكل أسرع بكثير من التصميم الذي أعطي له في الأصل. وهذا الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بالمرض. وبالتالي فإن الفيروس النافع قد يكون قادراً على التحول إلى فيروس خطير. وكل ما يحتاجه الأمر هو بضعة طفرات صغيرة، مثل حدوث تغيير في عامل التعرّف الخلوي الذي قد يمنع الخلايا المضيفة من اكتشاف الفيروس وبالتالي تنظيمه.

الفيروسات التي تنتقل بين الأجناس هي خطرة بشكل خاصّ

نحن نستطيع الآن أن نتناول موضوع فيروس الكورونا، وهو فيروس لا ينتمي [أساساً] للجنس البشري. حيث تعرف الفيروسات التي تنتقل بين الأجناس باسم zoonotics (أو الفيروسات حيوانية المنشأ، وتجدر ملاحظة وجود zoo في الإسم اللاتيني). يوجد لدينا العديد من الأدلة على وجود فيروسات حيوانية المنشأ بما في ذلك الأنفلونزا5، فيروسات الكورنا (التاجية) (الجديدة منها، والسارس وفيروس ميرس6)، وكذلك فيروس HIV (الذي يتسبب بالإيدز). جميع هذه الفيروسات تتسبب بالأمراض حين تصيب البشر. والبعض من هذه الفيروسات قد تواجدت في البشر ولفترة طويلة جداً. ولكن الأمر الجيد هو أن الكثير من الفيروسات الحديثة قد خمدت من تلقاء نفسها [أي أنها ضعفت بشكل تدريجي]. والفيروسات ستخمد بشكل تدريجي مع مرور الوقت. وذلك يحدث أثناء تضاعفها، حيث أنها تلتقط الطفرات الوراثية التي في بعض الأحيان تتسبب في إضعافها إلى أن تصل إلى درجة لا تكون فيها مُعدية (أو قابلة للإنتقال وإصابة الآخرين). إلا أن الأمر لايتخذ هذا المنحى دائماً، حيث أن البعض من الفيروسات، مثل فيروس نقص المناعة البشرية HIV أو فيروس الإنفلونزا (الذي هو نوع من أنواع فيروس الكورونا)، يمكنها أن تستمر في الإنتشار والعدوى وذلك بالرغم من التقاطها للطفرات الوراثية. إن هذا الأمر يعتمد على الكثير من العوامل المختلفة ولا يتواجد لدينا فيروسان متشابها تماماً.

الفيروسات الناشئة تشكل خطراً حقيقياً

pixabay.compandemic

لقد أصيب الجنس البشري بالكثير من الأوبئة المدمرة وذلك على مدى تاريخه الطويل. البعض منها مميزة بشكل واضح مثل الموت الأسود (الطاعون الذي انتشر بسبب بكتيريا انتقلت بواسطة البراغيث). أما البعض الآخر منها لا يزال يصيبنا بالحيرة، فكل ما نعرفه عنها هو أن العديد الممالك والحضارات والمدن قد عانت من نوبات هائلة من الأمراض والموت. وفي بعض الأحيان نستطيع أن نقوم بتخمينات علمية عن أسباب تلك الأمراض، إلا أنَّ هذا الأمر ليس بشائع.

إن الخليقة الأصلية لم تحتوي على أية أمراض (راجع مقالاتنا المتعلقة بالموت والمعاناة في قسم Q&A)، وعلى الرغم من ذلك فإن الأمراض قد تزايدت خلال الستة آلاف سنة الماضية. وبما أنها قد تزايدت مرّة فهذا مؤشر إلى عدم وجود سبب يدفعنا إلى عدم توقع تزايدها وظهور عدوى فيروسية في المستقبل. وهذا ليس بسبب يدفعنا إلى الهلع، إنما يجب أن يساعدنا على معرفة وتقييم حالتنا الضعيفة والهشة على هذه الأرض.

لقد قمنا بإنشاء مختلف أنواع شبكات الأمان بغية منع انتشار العدوى، كما أن العالم قد بدأ يستجيب بسرعة أكبر للتهديدات الناشئة. كما ويشكل كل من الحَجْر الصحي، وغسل اليدين واللقاحات جزءاً من هذه الإستراتيجية، وذلك بالإعتماد على شدتها وخطورتها وما إذا كنا قد وصلنا إلى تطوير وسيلة للتطعيم ضدها أم لا. تأمل في أحداث انتشار فيروس الإيبولا الأخيرة في أفريقيا. لقد أنفقنا ملايين الدولارات لمساعدة هؤلاء الأشخاص خلال تلك الأوقات العصيبة وقد تمَّ بذلك منع تفشي المرض من جديد في جميع أنحاء العالم. كما أن انتشار فيروس الكورونا المعاصر الذي يجتاح أرجاء الصين هو مثال آخر.الأمر الإيجابي نسبياً هو أن عدد القتلى (الذي بلغ ٢٪) هو أقل بكثير من التقديرات الأولية (التي بلغت ١١٪). لكن معدل الوفيات الذي يبلغ ٢٪ سيعني وفاة ملايين الناس فيما لو خرج الأمر عن نطاق السيطرة وانتشر الفيروس وأصبح شائعاً كما هو حال الإنفلونزا. إلا أنَّ المجتمع العلمي قد استجاب بسرعة كبيرة. وخلال فترة قصيرة تم الإنتهاء من مسح العديد من السلاسل الجينية للفيروس، ونُشِرِت على قواعد البيانات العمومية وقد أنتجت المجاهر الإلكترونية صوراً لما كنا نتعامل معه. وقد كانت سرعة هذه الإستجابة غير مسبوقة.

مستقبل الفيروسات التاجية (الكورونا)

إن كان تفشي هذا الفيروس سيتبع مجرى الحالات السابق، فإن فيروس الكورونا سيخمد بشكل تلقائي. هذا الامر الذي حدث مع فيروس الإنفلونزا البشري H1N1 الذي اجتاح العالم في عام ١٩١٧ وتسبب بوفاة الملايين من الأشخاص، وقد استمر الأمر لمدة أربعين عام قبل أن يختفي. وقد أعيد انتاجه في العام ١٩٧٦من خلال عينة مختبرية مخزّنة، وقد استغرق الأمر ٣٣ عاماً حتى خمد، وحدث الأمر مرة أُخرى أثناء انتشار وباء انفلونزا الخنازير H1N1 بين عامي ٢٠٠٩ - ٢٠١٠ الذي لم يكن فيروساً فتاكاً بشكل مميز. إن النسخ اللاحقة من الفيروس لم تمتلك ذات الطبيعة القاتلة التي امتلكتها النسخ الأولية، وحقيقة كون الفيروسات البشرية H1N1 عاجزة عن الإستمرار في البشر هي دليل جيد على أنها كانت تخمد من خلال النظام الجيني. حقيقة الأمر هي أن الفيروس كان يلتقط أكثر من ١٤ طفرة وراثية كل عام وذلك في الفترة التي كان فيها نشطاً وقد تغير ١٠ ٪ من الجينوم الخاص به قبل أن ينقرض.7 وهذا الأمر يطابق المحاكاة الآلية التي تم نشرها سابقاً.8

إلا أنه يجب أن نشير إلى أن فيروسات الكورونا (المعاصرة) ليست ذات فيروسات الإنفلونزا. كما أننا لسنا متأكدون من مصدر أو كيفية نشوء هذه الفيروسات، على الرغم من أنها على ما يبدو قد وصلت من الخفافيش التي ربما كانت مسلكاً قد عبرت من خلاله. وفي كلا الحالتين، يجب أن يتم معالجتها بعناية فائقة ويجدر بأنظمة الرعاية الصحية أن تتعامل معها بوصفها تهديداً خطراً وفورياً. إذ أننا لا نستطيع أن ننتظر عقوداً من الزمن حتى يقوم النظام الجيني بإخمادها.

كيف يجب أن نتصرف؟

وفق النموذج الخلقي/ العالم الذي يقبع تحت اللعنة، لا يوجد أي سبب لعدم توقع ظهور فيروسات جديدة. وعلى الرغم من ذلك فإنه حين يظهر واحد منها، يجب علينا أن نقوم بتقييم المخاطر بطريقة واعية وأن نتخذ الإحتياطات المناسبة. كما يجب علينا أن نكون مستعدين لمساعدة المحتاجين آخذين بعين الإعتبار أنه من الممكن أن نكون نحن في تلك الحالة. إن العطاء والصدقات هي من بين الخيارات المتاحة (ويفضل أن تتم من خلال وكالات الغوث المسيحية). لكن يجب علينا أيضاً ألا ندع فرصة مشاركة الإنجيل تنساب من بين أصابعنا، وفي أغلب الأحيان نجد أن الأشخاص حين يدركون بشكل فعليّ مدى هشاشة الحياة، فإنهم يقبلون بشكل أكبر الرجاء الذي يقدمه يسوع المسيح.

الخلاصة

إن الفيروسات هي جزء من النظام الذي خلقه الله. ويمكننا أن نعاين العديد منها وهي تلعب أدواراً مفيدةً. وعلى الرغم من ذلك فإننا نعيش في عالم الخطيئة واللعنة الذي يشتمل على الكثير من المعاناة والمرض والموت. وخلال تاريخنا نجد أن العديد من الفيروسات قد أصبحت خطيرة إلى درجة أنها تتسبب بمعاناة لا توصف للجنس البشري. وهذا الأمر قد أجبرنا على أن نقوم بتطوير استراتيجيات مبتكرة لمحاولة إبقاءها تحت الفحص [والتدقيق]. إن الرب الإله لم يعدنا بحياة طويلة أو بحياة صحيّة. إنما قد وعد بأنه سوف يستعيد هذا العالم الذي يقبع تحت اللعنة والخطيئة ويستعيد أجسادنا الموبوءة بالأمراض. إن رجاءنا ليس هنا على هذه الأرض، لذلك فلنرنوا بنظرنا إليه ونلقي برجاءنا عليه، إذ أنَّ الفداء الذي وعدنا به بات قريباً.

مراجع

  1. إن هذا ملخص جيد للفيروم، إلا أنه مأخوذ من مصدر تطوريّ لذلك استخدمه بحذر:
  2. sciencedirect.com/topics/immunology-and-microbiology/human-virome. عودة إلى النص

  3. إليكم ورقة بحثية من منظور خلقي للعالم-الساقط التوراتي حول الوظيفة الحيوية التي يلعبها الفيروم في الثديات:

  4. Francis, J.W., Ingle, M., and Wood, T.C., Bacteriophages as beneficial regulators of the mammalian Microbiome, Proc. Int. Conf. Creationism 8:152–157, 2018; creationicc.org. عودة إلى النص

  5. Barber, M.R. et al., Association of RIG-I with innate immunity of ducks to influenza, PNAS 107(13):5913–5918, 2010. عودة إلى النص
  6. Terborg, P., The ‘VIGE-first hypothesis–how easy it is to swap cause and effect, J. Creation 27(3):105–112, 2013. (VIGE = Variation-Inducing Genetic Element). عودة إلى النص
  7. Ma, W., Kahn, R.E., and Richt, J.A., The pig as a mixing vessel for influenza viruses: human and veterinary implications, J. Mol. Genet. Med. 3(1):158–166, 2008. عودة إلى النص
  8. وهو فيروس تاجي (يتشابه مع فيروس الكورونا الجديد) مرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. عودة إلى النص.
  9. Carter, R.W., and Sanford, J.C., A new look at an old virus: mutation accumulation in the human H1N1 influenza virus since 1918, Theoretical Biology and Medical Modelling 9:42, 2012. عودة إلى النص
  10. Brewer, W., Smith, F.D., and Sanford, J.C., Information loss: potential for accelerating natural genetic attenuation of RNA viruses; in: Marks II, R.J., Behe, M.J., Dembski, W.A., Gordon, B., and Sanford, J.C. (Eds.), Biological Information—New Perspectives, World Scientific, Singapore, pp. 369–384, 2013. عودة إلى النص