Explore
Also Available in:
freeimages.comAtheism-needs-evolution

الألحاد يحتاج إلى نظرية النشوء والتطور

هل نظرية التطور نتيجة لحقائق؟

الكاتب: كالفن سميث
by
تـرجـمـة: هـنـري أنـدراوس شـاهـيـن
translated by Henry Shaheen

السؤال عن أصل الحياة (من أين جاء كل شيء؟) له فقط إجابتين مُحتملتين. أما أن الكون نشأ من ذاته أو أنه لم ينشأ من ذاته. فلو نشأ من ذاته فلابد من أن نوعا من التطور الكوني قد حدث الذي يُفسِّر حقيقة الوجود. وإذا لم ينشأ من ذاته فلابد من وجود خالق. ليس هنالك خيار ثالث .1

يبدو أن العديد من الناس مُقتنعين بأن نظرية التطور مبنية على تحليل لحقائق لا يُمكن أبداً تفسيرها [ما يُطلق عليها حقائق عمياء]، تُثْبِت بشكل واضح على أن التطور كان عملية حقيقية تَمّت عبر التاريخ. وكما قال النشوئي الريادي ريتشارد دوكينز: لديك ملايين وملايين الأدلة التي لا يُمكن لشخص عاقل أن يُخالفها.2

ولكن، لكل شخص مُنطلق إيماني أساسي يرتبط بالسؤال عن أصل الحياة، وهذا المُنطلق مُجرّد افتراض تمّ قبوله ببساطة كأنه صحيح من دون أي دليل، أو كأنه بديهية. وحتى لو قال أحدهم بان مُنطلق إيمانهم هو نتيجة لتحليل مجموعة من الحقائق التي قادتهم نحوه، فما زال يتعين القول بانه في جوهر عقيدتهم ستكون لهم حتماً نقطة بداية لا يُمكن تعليلها أبعد من ذلك.

اعترف النشوئي مايكل روسي بذلك عندما صرّح قائلاً:

التطور، مثل الأيمان، يتضمن تأكيد لبديهيات أو لافتراضات ميتافيزيقية، التي على صعيدٍ ما لا يمكن إثباتها بالتجربة.3

كمثال مُجرّد، لو قال أحدهم " أنا أؤمن ’ألف‘" وسأله أخر" لماذا؟ " فردّ المجيب " بسبب ’باء‘"، فعاد الآخر يساله "لماذا تؤمن باء؟" فيجيب الأول "بسبب جيم"، فلا يُمكن لهما أن يستمرا في المحاورة هكذا بلا نهاية (دوامة التبرير اللانهائي). لأنه على هذا المنوال يستمر الحوار ليغطي كامل الأبجدية، وعلى سبيل المثال هكذا: (بسبب’ دال‘، بسبب ’هاء‘… الخ). لكن على المرء أن يتوقف عند حدٍ ما عاجلاً أم آجلاً ويقول "أنا أُؤمن بذلك الشيء لأني أُؤمن به". سوف تصل في نهاية المطاف إلى حدٍ لا تستطيع بعده تبرير ذلك الاعتقاد باي اعتقاد آخر، وإلا سيصبح الاعتقاد الأخر هو الاعتقاد ’النهائي‘.

حالما يتبنى شخصٌ مُنطلقٌ مُعيّن فعادةً ما يتم مُعالجة كل المعلومات المتبقية من خلال ذلك ’المنظار‘، وفراً له نظرته إلى العالم.4

نظرية النشوء والتطور’ تتبع‘ الألحاد

بالنسبة للمُلْحد فالمُنطلق هو الاعتقاد الفعلي بفرضية ’عدم وجود الله‘ (أي: لا يوجد إله)، بغض النظر عن إدخاله لبعض التحوير في المفهوم، مدعياً بان المُنطلق لا يتضمن الاعتقاد بالله. لو استهل أحدهم بتلك الفرضية فماذا سيكون التعليل والتفسير المنطقي لحقيقة وجود ما نراه من أشياء عامّةً (مثل الكون والأرض وتنوع الحياة والتجربة البشرية…الخ)؟

النقاط الخمسة للمُعتقد الإلحادي

  1. (مذهب الطبيعية) من الواضح أنه لا بد للفرد أن يؤمن بان كل الأشياء نشأت من خلال عمليات طبيعية، لان الافتراض النهائي هو عدم وجود عقلٌ، أو مُصَمّمٌ عاقل أو ’يد خالق‘ لتفسير سبب الوجود.

  2. (من شيء بسيط إلى شيء مُعقّد) أن الاعتقاد بان الكون الذي نحن فيه، وبمثل تعقيده الهائل هذا، يكون قد ظهر إلى الوجود كامل التشكيل هكذا، لهو ببساطة اعتقاد غير عملي. لهذا لا بد من أن تغييرات، لا حصر لها، قد جرت فعلاً في المادة عبر الزمن. والعمليات الطبيعية المنطوية هي التي سببت تغيير المادة من بسيطة إلى مُعقّدة.

  3. (الزمن السحيق) بهدف تفسير التنوع الكبير للأشياء الموجودة في كوننا، فلابد من حدوث تلك العمليات الطبيعية عبر كَمٍّ هائل من الوقت ’الممتد عُمْقاً في الماضي‘.

  4. (البشر هم حوادث تلقائية) لا بد أن البشر ظهروا نتيجةً لعمليات طبيعية غير موجّهة، ولهذا فنحن لسنا مُتميزين باي شكل من الأشكال، عدا كوننا نترأس الدوّرة الغذائية إذا جاز التعبير. وأي إحساس بالمبادئ أو القيم الأخلاقية فهو مجرد جزء من تطورنا الطبيعي، ولهذا السبب فإحساسنا هذا ليس ثابتاً بأيّ حال من الأحوال.

  5. (النشوء والتطور) النتيجة النهائية هي أن كل ما نشهده هو نتاج ما يُمكن أن يُطلق عليها عملية ’خلق ذاتي‘ 5لاحظ أنه بالرغم من أن فكرة ’الخلق الذاتي‘ في معناها الحقيقي هي فكرة غير مترابطة [لأنه لا يمكن لشيء ما أن يفعل أي شيء قبل وجوده]، لكن المُلحدين أمثال لورنس كروس يقترح فعلياً مثل هذا الهراء الغير علمي.)

كل العناصر الأساسية الخاصة بنظرية التطور الُكبرى هي ببساطة نتاج فعلي منطقي وفلسفي للمفهوم الأساسي للإلحاد المطبق على العالم الذي نحيا فيه.

إذاً، كل العناصر الأساسية لنظرية النشوء والتطور الكُبرى (الكونية والجيولوجية والكيميائية والبيولوجية وتطور الإنسان) هي ببساطة نتاج فعلي منطقي وفلسفي للمفهوم الأساسي للإلحاد التقليدي المطبق في العالم الذي نحيا فيه. لكن يُمكن استخلاص كل هذه الاستنتاجات من خلال اعتقاد عام وبسيط وهو أن الله غير موجود (الإلحاد)، وهو اعتقاد يسبق حتى أي تأثير من أي دليل مادي البَتّة. وبدءاً من تلك النقطة في المُعتقد ومستقبلاً يُمكن تفسير كل حقيقة يراها المرء بحسب وجهة النظر تلك. من ثمّ يتم نسج تلك الحقائق معاً لخلق تاريخ ما للكون الذي يدعم تلك الاعتقادات.

كانت هذه البديهيات الابتدائية والأساسية هي نفسها عبر التاريخ، وفكرة التطور ليست مبدأً حديثاً. فالقدماء من المصريين والبابليين والهندوس والإغريق والرومان كانت لديهم أفكار الملايين من السنين أو أفكار التطور البيولوجي في مُعتقداتهم، من دون أن يكون لهم وسيلة لتقصي حقائق معروف أنها تدعم نظرية التطور (مثلاً: العمود الجيولوجي والحمض النووي والانتقاء الطبيعي وقياس العمر شعاعياً ومتحجرات أسلاف البشرلخ).

وكمثال أكثر حداثة، فان إراسموس داروين المُلْحِد (جد تشارلز داروين)، صاغ ونشر، تفسيراً طبيعياً للعالم (في كتابه [Zoonomia 1794]) بحوالي 65 سنة قبل أن يفعل داروين. تضمن الكتاب أفكاراً عن أن الأرض تشكلت من انفجار كوني وأن الحياة بدأت في البحار وتدريجياً أصبحت أكثر تعقيداً وفي النهاية أمست بشراً، وبان كل هذا حدث عبر ملايين السنين. مرةً أخرى، لاحظ بان كل هذه الفرضيات قد تم استنتاجها من دون ’الأدلة‘ الشائعة التي يشير إليها النشوئيون اليوم.

لماذا يبتدأ الشخص بمفهوم الإلحاد؟

يقول الكتاب المقدس بان الناس الغير متجددين [أي: الأموات في الخطيئة وغير المخلصين بدم المسيح يسوع] هم في حالة تَمرُّد ضد الله. أن الرفض النهائي لأي شخص هو في حد ذاته نكران لوجوده (ولهذا يُقال التعبير: "أنت ميت بالنسبة لي"). في نهاية المطاف، يرفض بعض الناس الله إلى الدرجة التي فيها يُنكرون وجوده. أن إنكار وجود الله غالباً ما جُسِّد بشكل مثالي في مقولة المُلحد السافر نيتشه: "الله مات".

بالرغم من أن بعض الأشخاص وعبر التاريخ أعلنوا أنفسهم مُلحدين، لكن المبدأ كان عرضة للمساءلة دوما من قبل مفكرين أذكياء (ويُفترض أن ذلك هو بسبب عدم منطقية العلم والفلسفة، والمؤشرات الأخلاقية الواضحة لذلك الفكر). فعلى سبيل المثال، ذات مرة قال السيد اسحق نيوتن (وبدون شك هو أعظم عالم عاش أبدا):

اداة التقوى هو اعتراف بالإلحاد ووثنية في التطبيق. الإلحاد اعتقاد بلا معنى وبغيض للإنسانية بحيث لا يوجد له الكثير ممن يعترف به.6

لدى البعض انطباع خاطئ عن نظرية التطور بانها ’علمية‘ في حد ذاتها. ولم يكن علماء فقط ممن احتضن فورا نظريات تشارلز داروين بخصوص التطور. بل أن الذين دعموا أفكار داروين ومنذ البداية (فيما لو كانوا من ذوي العقول العلمية أم لا) كانوا من أنصار المذهب الطبيعي والمتشككين في الكتاب المقدس.

ظهرت المعارضة للدارونية فورا من قبل علماء رائعين ومن ضمنهم الفيزيائي جيمس كليرك ماكسويل (مُكتشف المغناطيسية الإلكترونية) 7، ولويس باستير (الرائد في مجال التحصين ومُطور القانون الأساسي لعلم الأحياء [Biogenesis]) 8 . واللورد كلفن (الرائد في مجال الديناميكية الحرارية والتلغراف عبر المحيط الأطلنطي) 9 ، ولويس اغاسي (مؤسس علم الجيولوجيا الجليدية)، كل هؤلاء رفضوا داروين.

السير جون هيرشل، العالم الرياضي والفلكي المشهور وزميل الجمعية الملكية، نبذ الدارونية باعتبارها ’ قانون الفوضوية والتشويش ‘10. أما ريتشارد أوين، مدير قسم التاريخ الطبيعي في المتحف البريطاني، فلقد أزعج داروين للغاية بسبب اعتراضاته على نظريته بحيث أدت بداروين في نهاية المطاف إلى الاعتراف بكُرْهِهِ لريتشارد 11. وحتى وليم وول، الشهير بفيلسوف العلم (ومؤلف كتاب ’تاريخ العلم الاستقرائي‘)، منع إضافة كتاب Origin إلى مكتبة جامعة كامبريج. وكان هناك عدد كبير من الجيولوجيين المؤمنين بالكتاب المُقدس ممن رفض الدارونية أيضاً وما رافقها من تعليم عن ’الملايين من السنين‘ لتاريخ الأرض.

اعتقد الكثير بان الدارونية غير علمية إطلاقاً. وفي مقابلة جرت مع الأستاذ يوهان بلاسيوس، مدير متحف التاريخ الطبيعي دوكال في براونشفايغ في ألمانيا، قال فيها: "وأيضاً قلما قرأت كتابا علمياً يبني هذا الكم من الاستنتاجات استناداً على بضعة حقائق لتدعمها.…يريد داروين أن يُبين بان الأنواع تنحدر من أنواع أُخرى."13،12

من ناحية أُخرى فان الذين دعموا كتاب داروين وبلهفة كانوا ممن وصفوا أنفسهم أنهم أصحاب ’ التفكير الحر‘ أمثال تشارلز لايل الذي أراد "تحرير العلم من تعاليم موسى"، و توماس هكسلي المُعادي، والمُلفِّق الشهير أرنست هيكل، (الذين كانت لديهم مسبقا ً أفكار متأصلة معادية للكتاب المقدس بخصوص أصل الحياة، وكانوا يكرهون موقف الكتاب المقدس المُعارض للتميز العنصري).14 ويبدو أن الأوائل ممن تبنوا الدارونية كانوا يميلون نحو التفسيرات الطبيعية للخليقة حتى قبل قبولهم للدارونية.

منذ بداية العصور الوسطى المزدهرة علمياً والى حوالي 200 سنة فقط قبل الأن، كانت نظرة العالم الغربي المبدئية السائدة مَبنيّة علناً على الإيمان المسيحي وتعاليم الكتاب المقدس ومفاهيم القانون والأخلاق التي تنبع منهما. أما اليوم فالأمر مختلف جداً، حيث المسيحية والكتاب المقدس مرفوضين في الحياة العامة باسرها تقريباً. فتعليم الكتاب المقدس، وحتى الترويج لأخلاقيات الكتاب المقدس، محظور عملياً في عدة أماكن وما يتم تعليمه فقط هو فكرة أصل الحياة (بحسب نظرية النشوء والتطور) في أغلبية المدارس الرسمية.

لهذا فمن السهل أن نرى اليوم عدداً كبيراً من الناس يؤمنون في نظرية التطور، لأن أنظمة إدارة المدارس الرسمية ووسائل الإعلام في كل العالم الغربي تُدرِّسها في كل مكان وكأنها ’حقيقة‘ و ’علم‘ لأطفال سريعي التأثر. لذا أصبح تعليم نظرية التطور مفهوم يديم نفسه بنفسه. ولأن الأفكار التطورية تدعم نظرة طبيعية بدلاً من نظرة إيمانية فهذا يعني أن العديد من الأشخاص يستنتج (حتى من هؤلاء الذين ترعرعوا في بيوت تعترف بإيمانها في الله) بان الألحاد حقيقة ويتبنون ذلك كنقطة بداية.

مهما يكن، فنظرية النشوء التطور ليست نتيجة ’الحقائق‘. وسيفعل الناس حسناً فيما لو أعادوا النظر في مُنطلق الألحاد. ’فالأدلة‘ المزعومة والمستخدمة لدعمه من خلال نظرية التطور هي ببساطة غير معقولة وغير منطقية (مثلما أظهر كتابنا وفلمنا الوثائقي ’عقب أخيل نظرية التطور‘ الجديد الحائز على الجائزة). وانطلاقا من وجهة نظر الكتاب المقدس فما نراه في عالم الله يتفق مع ما نجده في كلمته وبدون الحاجة إلى عوامل الغش الشائعة كثيرا في تفسير نظرية التطور لأصل الحياة.

المصادر والمُلاح

  1. Note that theistic evolution (the idea that God used evolution to create) is not a true third option as it still postulates a Creator at the root of existence. العودة إلى النص
  2. "The Genius of Charles Darwin (Episode 3): Richard Dawkins, Channel 4 (UK), Monday 18th August 2008. العودة إلى النص
  3. A complete transcript of the talk is available online at arn.org/docs/orpages/or151/mr93tran.htm and in print in: Young, C.C. and Largent, M.A., Evolution and Creationism: A Documentary and Reference Guide, pages 253–260. العودة إلى النص
  4. It is of course possible to have your starting point change. العودة إلى النص
  5. Note that there are many different names and proposed mechanisms for the generic concept of ‘evolution’; Darwinian evolution, Neo-Darwinian evolution, Punctuated Equilibrium, Chaos theory etc. There is even flat-earth evolutionism! العودة إلى النص
  6. Principia, Book III; cited in; Newton’s Philosophy of Nature: Selections from his writings, p. 42, ed. H.S. Thayer, Hafner Library of Classics, NY, 1953. العودة إلى النص
  7. Lamont, A., James Clerk Maxwell (1831–1879), Creation 15(3):45–47, 1993; creation.com/maxwell. العودة إلى النص
  8. Lamont, A., Louis Pasteur (1822–1895), Outstanding scientist and opponent of evolution, Creation 14(1):16–19, 1991; creation.com/pasteur. العودة إلى النص
  9. Woodmorappe, J., Lord Kelvin revisited on the young age of the earth, Journal of Creation 13(1):14, 1999; creation.com/kelvin. العودة إلى النص
  10. Bowlby, J., Charles Darwin: A new life, W.W. Norton & Company, New York, p. 344, 1990. العودة إلى النص
  11. Darwin, F., Seward, A.C. (Ed.), More letters of Charles Darwin, Vol. 1, pp. 226–228, 1903 as cited in Bowlby, p. 352. العودة إلى النص
  12. Director Blasius interview: “Evolution is only a Hypothesis”, 1859, cited in Braunschweiger Zeitung, 29 March 2004. العودة إلى النص
  13. Wieland, C., Blast from the past, creation.com/blasius, 16 June 2006. العودة إلى النص
  14. van Niekerk, E., Countering revisionism part 1: Ernst Haeckel, fraud is proven, J. Creation 25(3):89–95, 2011; part 2: Ernst Haeckel and his triple-woodcut print, J. Creation 27(1):78–84, 2013. العودة إلى النص